الجمهورية
صالح ابراهيم
اقتحام البطالة.. مسئولية من؟؟

** مهما بلغ التعداد السكاني.. أو نجحنا في ضبط معدلات تنظيم الأسرة.. يظل الناس.. وعلي الأخص الشباب في قوة العمل.. هم الثروة الحقيقية.. والاستثمار موفور العائد.. بشرط الالتزام بخارطة طريق لمرحلة الإعداد.. توفق بين عاملين أساسيين.. الأول قدرات ورغبات واستعداد هذا الشاب أو الفتاة للعمل المستقبلي.. وما يحتاجه سوق العمل من مهن.. تخضع لمتغيرات بعضها معروف مقدماً.. والآخر يحدث فجأة.. يفرض مساحة غير منتظرة.. مثل سوق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي تتقدم بقوة إلي مقدمة الناتج القومي.. مؤثرة علي كافة المجالات.. وقد يفرض هذا السوق.. مساحة من التراجع.. لتختص بصيغة.. كالتعليم الفني التجاري.. الذي كان موازياً للثانوي العام.. ويبشر الدارسين فيه بمستقبل باهر في أعمال السكرتارية والمحاسبة وإدارة الأعمال.. ليتراجع لصالح الفني الصناعي والميكانيكي.. ويعاني خريجوه البطالة.. يضطرون لتغيير المسار أو القبول بصفة هامشية.. ما لم يكن لدي الشاب أو الفتاة الثقة الكافية بالنفس للعمل في مشروعه الصغير الخاص.. ورعايته الجادة بالاشتراك مع الشريك المجتمعي.. الصندوق الاجتماعي مثلاً.. الذي يتعدي دوره قرض التمويل إلي دراسة الجدوي وفتح أبواب التسويق.
** وعلي الرغم من الحسابات الاقتصادية - في سقفها العام - فكرة.. وتمويل.. ورعاية وتنفيذ.. لتحقيق عائد يدعم النمو العام للدخل الوطني.. وكذلك العائد المباشر للمؤسسة أو الفرد المستفيد.. فقد اتفق علي اعتبار التعليم هو المصدر الأول لإعداد الأجيال لسوق العمل "ربما نيل سقف التخصصات الدقيقة" واتفق علي أن الانفاق علي التعليم ينبغي له نصيب الأسد في الانفاق العام لتحقيق العائد المرجو.. لأننا مهما صرفنا من أموال لخلق فرص عمل.. وكادر صالح لشغلها فإن العائد المتوقع.. مع سنوات الخبرة.. يغطي هذه النفقات.. ويحقق عائداً مهماً لكل الأطراف بل يمكن اعتباره منتجاً ذا طبيعة خاصة.. صالحاً للتصدير للخارج.. يجلب العملات للوطن.. ويزيد من احترام الآخرين لأبنائنا النابهين.. الذين لا ينسون الوطن الأم.. بالخير والزيارة والبحث والاستثمار وتلبية النداء عند الحاجة.. "بالطبع قائمة الناجحين والبارزين من أبناء المحروسة في أنحاء الدنيا أكثر من أن يحصرهم مقال أو كتاب".
** والإعداد لسوق العمل ايضا.. هو المدخل الطبيعي والناجح لمشكلة البطالة.. التي تتعدد أشكالها ومواسمها وتسمياتها "بين موسمية ومقنعة أو هامشية".. كما أن تصنيفات السكان داخل جداولها متغيرة.. وللأسف بينها حالات تدرك تماماً الجهة المتسببة في استمرار تدفقها.. دون علاج أو تحجيم أو إغلاق لصنابير التدفق.. هذه.. في تكرار مستمر يضاعف من أعداد البطالة.. القادمة للأسف من كليات القمة.. ولدينا تحذيرات نقابية مكررة من نقابة الصيادلة.. ونقابة المهندسين وغيرها.. حول التوسع في المقبولين بأكثر من احتياجات السوق.. وصل إلي حد التهديد بعدم الترخيص لهم بمزاولة المهنة.. بعد التخرج.. فما بالنا بمئات من الطلاب الذين يدرسون بالمدارس التجارية الثانوية.. والأعداد الكبيرة التي يفتح لها الباب من خريجي الثانوية "كليات التجارة والحقوق والآداب" التي أصبحت بكل أسف تقبل طلاباً من القسم العلمي.. ولن تشارك في منعطف الحوار حول الجامعات المفتوحة.. ناهيك عن الجامعة العمالية والمعاهد الخاصة التي تلوح لطلاب حصلوا علي 50% في الثانوية العامة.. بلقب مهندس أو محاسب أو إعلامي معترف به من المجلس الأعلي للجامعات.
** لذلك وبعد إقرار البرلمان لقانون الخدمة المدنية الذي يؤكد المسئولون علي جزئية تفريغ دولاب العمل الحكومي من الترهل الوظيفي.. وعدم استبدال الأعداد المرشحة للمعاش بموظفين جدد خاصة مع تعميم الحكومة الإلكترونية وبواباتها مع مواجهة تكدس العمالة "الخدمة السايرة" واقناعها بالانضمام للتأهيل المهني.. يتصل حديثنا إلي قانون العمل الموحد.. الذي كشفت ملامحه في حوار مجتمعي مكثف.. لنجد أن أهم النقاط به.. تتعلق بإلغاء الفصل التعسفي.. السيف الذي يعاني منه عمال القطاع الخاص إضافة إلي ما يعرفه مفتشو مكاتب العمل جيداً.. من وسائل أخري.. تبرز عند الرغبة في التخلص من العامل دون حدود "وهي جميعاً أوراق قانونية".. وهذه الممارسات وراء تفضيل معظم الشباب لقطار الميري حتي الآن.. رغم معرفتهم بصعوبة اللحاق ولو بالعربات الخلفية.. ولكي نضع أهدافاً علي طريق الحل الحقيقي والناجح للبطالة.. التي تختلف تقديراتها لدي الجهات المعنية.. لأجد قاعدة بيانات كاملة وتفصيلية عن قوة العمل نستمدها من الشباب العاطل مباشرة.. وتشجيع الشباب علي تسجيل بياناتهم في مكاتب العمل ليقوم خبراؤها بجهود حقيقية وواقعية.. لتوفير ورعاية توظيف المتقدمين للقطاع الخاص.. برعاية حكومية للحقوق والواجبات.. وبهذا نستثمر التشريع في ضبط أسواق العمل بالحكومة والقطاع الخاص.. نتخلص من البطالة.. أو علي الأقل يظهر حجمها الحقيقي لمن يريد العلاج.. وتحصل علي العائد الأعلي من استثمار البشر وإعداد الأجيال لأسواق العمل.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف