خلال علاج زوجتي في باريس.. في بعض الأحيان يحجزها المستشفي الكبير لمدة يومين أو 36 ساعة وحدها.. فاخطف رجلي إلي لندن في قطار سريع أسرع من سيارتي من بيتي إلي الجريدة!!!! حيث أجد صديق العمر والجار والنادي أحمد الفرنواني نجل محمد بك الفرنواني عضو الوفد المصري وشقيق الرياضي الكبير طه الفرنواني.. لأقضي 18 ساعة ثم أعود في نفس القطار إلي باريس.. ذات مرة أخذني الفرنواني إلي قرية ليست بعيدة عن لندن وأمام منزل صغير له شكل غريب توقفنا وفوجئت باللافتة الكبيرة "متحف برنرد شو" منزل مبني بالخشب وجذوع النخل والشجرة طابقان صغيران.. السلالم بالخشب.. الحارس هو المرشد الذي يشرح لك كل شيء.. وفي طريق العودة قال لي الفرنواني ان المرشد لم يقل لك أهم شيء.. البيت الأصلي الذي عاش فيه "برنرد شو" شخصيا ليس هذا البيت.. لقد تم حرقه بالكامل.. تحول المنزل إلي كوم فحم!!! ساعد علي ذلك الخشب وجذوع النخل!!! تماما كما حدث عندنا للأوبرا القديمة!!! جندت الحكومة الإنجليزية بعض المتخصصين تجنيداً لإعادة الفيلا كما كانت بالضبط.. ساعدهم في ذلك آلاف الصور التي التقطت للمتحف قبل الحريق.. حتي نظارته صنع أحد المحلات نفس النظارة بالضبط.. ترزية قاموا بتفصيل نفس البدل التي كان يلبسها.. وصل الأمر إلي نوع الصابون في الحمام.. إلي هذا الحد.. وأخطر ما في الموضوع الكتب.. جمعوا أكثر من ألف وخمسمائة كتاب كما كان من قبل بالضبط.. بعض الكتب أتوا بها من الهند ـ تصور ـ العمل كان شاقا للغاية ولكن بدقة متناهية.. خاصة الصور والبحث عنها لتصويرها من جديد.. القبعات القديمة ذات الطابع الخاص.. تم العثور علي من يستطيع تصنيع مثلها بالضبط.. بل أصبح المبني الجديد أكثر شمولا من القديم.. لأنه خلال بناء المبني الجديد تقدم كثيرون من العائلات القديمة بتزويد المبني بأشياء كانوا محتفظين بها أشياء تخص "بيرنرد شو".
***
ـ لماذا أكتب هذا الكلام اليوم؟!!
ـ أكتب هذا الكلام اليوم لكي نخجل نحن التسعين مليونا.. نخجل نحن المصريين جميعا ـ إذا كانت الدماء مازالت في عروقنا!!! ـ نخجل حينما نقارن بين تصرفات حكوماتنا المتتالية التي وعدت بعد طول مطالبة.. وعدت بإنشاء متحف للقلعة الأدبية العالمية نجيب محفوظ.. فقد وعد فاروق حسني حينما كان وزيرا بإقامة المتحف في "تكية أبو الدهب بالمنطقة الفاطمة" في عام ..2006 وحتي الآن 2017 لم يحدث أي شيء!!! رغم ان السيدة عطية الله ابراهيم صدقت الحكومة واعتقدت ان من يعد يفي خاصة لو كانت الحكومة لذا قامت السيدة الفاضلة زوجة الرجل العظيم بتسليم الحكومة أكثر من ألف كتاب وكل صوره ومستلزماته الشخصية مثل الساعة والنظارة والبايب والجوائز التي حصل عليها والسماعة التي كان يستعملها أحيانا وغير ذلك من هدية أو جائزة قصة ما.. وغير ذلك كثير.
منذ شهرين ـ تقول بنتنا أم كلثوم لملحق لإحدي الصحف منذ شهرين تقدمت للوزير حلمي النمنم تطالب باسترداد المقتنيات.. ولكن بيروقراطية الحكومة لم تسلم شيئاً ولم تعط موعدا للتسليم.. رغم وجود وعد من مكتبة الاسكندرية بتخصيص مكان يليق بأول نوبل مصري ليتحول إلي متحف يحمل اسمه!!! اسمحوا لي أن أتوجه بهذا الكلام للرجل الذي يعمل والآخرون مجرد مناظر وصور وكلام.. ولا عمل!!! اعذروني.. فقلبي يبكي علي حالنا حينما نقارنه بغيرنا!!! والله العظيم.. حقيقة.. لك الله يا مصر.