الأهرام
فريدة الشوباشى
ُرب ضارة نافعة
وكأن فتاوى الشيح سالم عبدالجليل ، رغم ما سبقه من شيوخ من نفس مدرسته،قد دقت ناقوس الخطر بقوة،رافضة الكف عن الدق قبل ان يستيقظ هذا المجتمع ،بكل أطيافه، ويفتح عينيه على الخطر الداهم الذى يستهدف وحدته ،حيث فشلت كافة ما سبق من محاولات تفتيته فكان خيار فرق تسد، بالفتاوي «الدينية!!»..ولا يمكننى الدخول فى مناظرات فقهية حيث إننى لست أهلا لذلك ولكن من حقي، بل قل من واجبى التعبير عن مشاعرى والادلاء برأيى كمواطنة مصرية..اعرف كما يُفترض ان يعرف غيرى ان مصر تمر بحقبة من أصعب الحقب ،ان لم تكن الأصعب فى تاريخها..فقد اعترف اصحاب مخطط تفتيت الوطن العربى، وفى القلب منه مصر، بإفشال مشروعهم، الذى تحطم، على صخرة الوحدة الوطنية، وحدة استعصت على كل اعدائها عبر القرون..آخر ما توصل اليه عباقرة شعار «فرق تسد»، هو سلاح التكفير المدمر، وهو ما رد عليه الأزهر الشريف بما يلجم كافة الألسنة. ولا شك ان السؤال الذى يفرض نفسه وبقوة هو :لماذا الآن؟.. وما هى العجلة والحاجة الملحة التى توجب «تكفير المسيحيين» المصريين فى هذا التوقيت بالذات،وبينما يدرك الجميع ان خلاصنا فى وحدتنا،لان العدو، وكما بين التاريخ،لا يُفرق بين المصريين على اساس العقيدة الدينية،كما انه لا يخفى على أحد ان الدماء المصرية، للشهداء المسلمين والمسيحيين، قد روت ارض سيناء الحبيبة، تماما كما ترويها دماؤهم الآن. مصر تحتاج الى من يحث على العمل ويستشهد فى ذلك بالآية الكريمة، «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون»..مصر فى حاجة الى إعلاء قيمة الحرية ،التى اكدت احترامها لها، بتشابك الأيدى بين المسلم والقبطي،فى التصدى للظلم والطغيان ومطامع الأعداء، على قاعدة ،ان الدين لله والوطن للجميع.. مصر تحتاج سواعد كل ابنائها القادرين على البناء، وليس فتح ابواب الفتنة على مصاريعها ،باباحة القتل،لأن ذلك هو القصد من تكفير المسيحيين..ولا يزال سؤال آخر مطروحا ،أين الدولة ،وهل هى مسؤولة عن تطبيق القانون على الجميع دون اى استثناء،أم أنها تركتنا لشيوخ الفضائيات وفتاوى التكفير وما ترمى إليه من قتل وتفجير ودمار..؟ ولماذا انفجرت ماسورة التكفير بعد ايام من زيارة بابا الفاتيكان الناجحة لمصر وتجوله فيها بحرية ودخوله استاد الدفاع الجوى حيث تجمع عشرات الآلاف بسيارة مكشوفة،واستقبال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف له وهو ما دحض كافة الافتراءات عن الوضع فى ام الدنيا كما نقلت وسائل الاعلام ، بالصوت والصورة. ثم هل من صلاحية اى شيخ تحديد من سيدخل الجنة ومن سيدخل النار؟..وهل يقبل منطق ان يصف لنا الشيخ عبد الجليل،مشهد المسيحيين يوم الحساب وحوارهم مع الله عز وجل، بل واتهام «الذين لم يكفروهم بانهم ضللوهم؟». هل يحق لأحد، مهما علا شأنه،ان يتحدث باسم الخالق وان يستبق يوم الحساب. بعد ان ينصب خيمته فى الفضائية التى يروج منها فتاويه المرعبة والمحرضة على تعميق الخلاف ان لم نقل على الكراهية؟.. وما هو المكسب بالنسبة للاسلام اذا تم قتل جميع المسيحيين فى العالم؟.ألا يُعد ذلك إقرارا بالعجز عن الاقناع؟..والغريب,ان حمى التكفير لا وجود لها فى دول كثيرة ذات أغلبية مسلمة، ومن هنا كان الارتياب فى إثارتها فى مصر ،التى تسعى للخروج من عنق الزجاجة بالتوسع فى الزراعة والمشروعات الصناعية، وبينما تهب رياح التفاؤل من شواطئ المتوسط ،مع اكتشاف أكبر حقل غاز فى المنطقة..وفى سياق التساؤلات المشروعة، هل يعرف اصحاب فتاوى التكفير،ان عمرو بن العاص عندما قدم الى مصر،لم ُيكفر مسيحييها ولم يدع الى قتلهم، ولم يهدم كنائسها،وان اول مسجد بنى فى مصر كان مسجد عمرو بن العاص ،على أرض ملك عائلة قبطية تبرعت بها طواعية للمسجد؟ وان مواطنين مصريين، مسيحيين، شاركوا فى بناء المسجد؟..ولذا ظلت مصر عصية على كل أعداء وحدتها، وكما قال لى ابن عزيز، لا يوجد فى مصر مسلم ومسيحى ،ايها البلهاء،فالطبق واحد والحيطة واحدة والمصير واحد،والشفرة المصرية استعصت، وستظل مستعصية على كل من يستهدفها ،مهما بلغت أسلحته من قوة وحداثة..فالشفرة المصرية أقوى من كافة الأسلحة المتاحة الآن، وكذلك ما يستجد منها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف