سناء السعيد
بدون رتوش .. صفقة الوهم..
الثابت اليوم أن ترامب لن يحرك ساكنا ازاء القضية الفلسطينية لا سيما مع انحيازه الكامل لاسرائيل والتماهى مع مشاريعها الاستيطانية فى القدس الشرقية والضفة المحتلين إلى الحد الذى قد يؤدى إلى الغاء الكيان السياسى الفلسطينى. ورغم ذلك يظل العالم العربى يراهن ويعول الكثير على الدور الذى يمكن لترامب القيام به تجاه القضية الفلسطينية وقدرته على ممارسة دور ضاغط أكبر على إسرائيل. بيد أن النقيض هو الحادث، فليس هناك آية استراتيجية أمريكية واضحة بشأن حل القضية الفلسطينية، ولهذا لا يمكن للمرء أن يتفاءل حيال تحريك القضية لا سيما وأن نتنياهو يضع شروطا يوميا لاستئناف المفاوضات، وبالتالى لا يمكن المراهنة على احلال عملية السلام، أو الوصول إلى صفقة سلام تاريخية التى حلم عباس باحرازها خلال اللقاء الذى جمعه بترامب فى الثالث من مايو الجارى.
كان يؤمل من اللقاء اعادة تحريك محادثات السلام الفلسطينية الاسرائيلية وأن يحدد المسار السياسى للاعوام القادمة لا سيما وأن عباس قال مؤخرًا بأن الادارة الأمريكية الجديدة جادة فى رغبتها فى التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية. إلا أن ما يبدد هذا تأييد ترامب بالمطلق للدولة العبرية، واعتباره أن حل الدولتين الذى تؤيده الأسرة الدولية منذ عقود ليس السبيل الوحيد لانهاء النزاع الفلسطينى الاسرائيلى لافتا إلى أنه منفتح على خيارات بديلة إذا كانت تؤدى إلى سلام. بل إن نائبه خرج مؤخرا ليصرح بأن فكرة الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها هو أمر يمكن أن يعود إلى الواجهة، وأن الرئيس ترامب يدرس بعناية نقل السفارة الأمريكية بالفعل من تل أبيب إلى القدس.
لقد ثبت اليوم أن ترامب لن يمارس الضغط على إسرائيل من أجل تهيئة الأرضية لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين والعكس هو الحادث، إذ ان ترامب استغل ظروف لقائه بعباس 3 مايو الجارى للضغط عليه كى يتراجع عن استراتيجية تدويل القضية خاصة فى الأمم المتحدة. ولا غرابة فلقد ظهر منذ الوهلة الأولى أن ترامب غير معنى بالقضية الفلسطينية التى بدا غير حريص على دراستها بعناية رغم كونها القضية التى تحتاج إلى الجدية فى معالجتها وخلافا لذلك تظل إسرائيل وأمنها هو البند المسيطر على إدارة ترامب، فكل تحركاتها تنضح بالدعم الكامل لها. ولقد رأينا كيف تم تعيين المحامى اليهودى دافيد فريدمان المؤيد للاستيطان سفيرا لأمريكا فى الدولة العبرية، والذى شرع منذ تنصيبه باعطاء الضوء الأخضر لاسرائيل لبناء أكثر من ستة آلاف وحدة استيطانية فى القدس الشرقية والضفة. ولهذا فإن تسريع وتيرة الاستيطان جاءت لتعكس رغبة إسرائيل فى اغتنام فترة حكم ترامب بعد ثمان سنوات فى حكم ادارة أوباما التى كانت تعارض الاستيطان.بل إن مؤيدى الاستيطان دعوا منذ تولى ترامب إلى الغاء فكرة حل الدولتين وضم الضفة الغربية المحتلة.
ولهذا ورغم أن عباس كان يتطلع فى لقائه بترامب إلى تحقيق ما أسماه بصفقة السلام التاريخية على أساس أن الخيار الاستراتيجى الوحيد هو تحقيق مبدأ حل الدولتين وفق حدود 1967 وهو المرجع الأساسى للأسرة الدولية لحل الصراع. إلا أن اللقاء كان حلقة جديدة من بيع الأوهام، ومن ثم فإن احتمال اجراء مفاوضات فلسطينية اسرائيلية بشأن الوضع النهائى قد يظل أمرا سابقا لأوانه.