الوفد
عباس الطرابيلى
هموم مصرية .. قبائل سيناء.. تعظيم سلام
أعترف أننى كثيرًا ما تساءلت عن دور قبائل سيناء، فى المناطق الملتهبة حتى الآن.. وهل لهذه القضية دور بطبيعة امتداد «التواجد» القبلى من سيناء إلى ما حولها من مناطق فى جنوب فلسطين ـ ومنها إسرائيل ـ وفى شمال غرب السعودية بل والأردن أيضًا، حيث يمتد التواجد القبلى لمعظم هذه القبائل بين كل هذه المناطق.. أم هى لحسابات قبلية أخرى، لا علاقة لها بالولاء للوطن، أو المعروف ـ غالبًا ـ أن الولاء الأول حتى بين كل قبائل العالم ـ هو للقبيلة ـ قبل الولاء للدولة.
ولكننى أخشى ـ ومازلت ـ من أى دور لشد القبائل السيناوية إلى حرب شبه أهلية ـ بالذات فى الشمال الشرقى لسيناء.. حتى لا تدخل هذه القبائل فى صراعات الثأر.. والثأر المضاد. أى القتل والقتل المضاد.. خوفًا من أن تعود إلى ذاكرتنا «حروب القبائل القديمة» التى كانت تستمر لعشرات السنين.
<< ولكن الوضع الحالى ـ بالذات فى شمال سيناء وربما يمتد إلى وسط سيناء ـ يختلف عما أتخوف منه.. لأن الصراع هذه المرة أخذ يتصاعد بعد أن طالت الأحداث.. واضطرار الدولة إلى تهجير سكان المنطقة الجديدة فى رفح والتدمير الذى أصاب المناطق الزراعية من الشيخ زويد الى خط الحدود عند رفح، وهى المناطق الأكثر قيمة زراعية والأخصب إنتاجًا ونتج عن طول فترة الصراع الحالى أن خسرت معظم القبائل مصالحها المالية والزراعية.. وكانت مواسم حصاد الكنتالوب والخوخ والخضراوات هى مواسم الرواج والزواج أيضًا.. وهذه الأحداث ضربت كل ذلك.. كما طالت زراعات الزيتون والنخيل والتين.. وحتى النباتات العطرية الشهيرة.
<< معنى ذلك أن مصالح القبائل تأثرت.. بل تدمرت بشكل كبير ـ ولكن السبب الآخر هو أن قبائل شمال سيناء ـ بل والوسط والجنوب ـ تأثرت كثيرًا من الإجراءات الأمنية التى تقيد إلى حد كبير حركة أبناء سيناء وعمليات تنميتها.. وضربت كل هذه المشروعات فى مقتل بسبب هذه الإجراءات.
هنا تحركت القبائل.. وبالذات ليس فقط بسبب ضرب مصالحها المالية لكن بسبب استهداف الإرهابيين ولجوئهم الى قتل من يشتبه فى تعاونه مع السلطات المصرية.. وبما يكشف تحركات هؤلاء الإرهابيين وأدت هذه العمليات الإرهابية إلى مصرع واستشهاد عدد من رموز هذه القبائل وبالذات السواركة والترابين.
<< ولكننى أضيف سببًا أهم فى تحرك هذه القبائل ضد الإرهابيين، بل ووقوع معارك بين الطرفين.. ذلك أن هذه القبائل اكتشفت عمق المؤامرة على سيناء.. وعمق ما يخطط له هؤلاء الإرهابيون ليس فقط ضد سيناء.. ولكن ضد الوطن المصرى نفسه.
هنا استيقظت «الوطنية المصرية الحقيقية» فى داخل هذه القبائل. وأعادت لنا ذكرى عطرة لدورها العظيم ضد إسرائىل ومخططاتها سواء فى مؤتمر الحسنة الشهير الذى حاول فيه ديان تدويل سيناء.
<< أيضًا لا ننسى الأدوار البطولية الرائعة لشيوخ وعواقل وشباب القبائل فى العمق وسط سيناء، لخدمة القوات المصرية خلال حرب الاستنزاف ثم خلال حرب تحرير سيناء.
وهكذا لن يتحول ما يجرى الآن فى سيناء الى حرب أهلية بين القبائل.. لأن الإرهابيين ينفذون مخططًا يستهدف الوطن المصرى كله.. وهذا ما لم تقبله القبائل.. ولذلك تحركت دفاعًا عن الوطن كله.. بدفاعها عن سيناء وتصديها للمخطط الإرهابى.. وهذا كله يؤدى إلى قرب نهاية ما يجرى الآن هناك.. فى سيناء.. وعظيمة يا قبائل سيناء.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف