زمان كانت أجهزة المخابرات المعادية تتحايل لزرع وتجنيد الجواسيس أملا في الحصول علي معلومات يتم تحليلها بعناية للاستفادة منها عند اللزوم.
الصورة الآن أصبحت مختلفة في ظل انتشار العديد من الوسائل الحديثة التي توفر الوقت والجهد فيكفي العميل أو حتي ضابط المخابرات ذات نفسه أن يدخل علي الخط مع الشخص "أو الفئة" المستهدفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأكونت مزيف باسم شاب أو فتاة لاسيما لو وضعت صورة يسيل لها لعاب الشباب.
منذ عدة أشهر تلقيت طلب صداقة من فتاة ترتدي ملابس المارينز ومدون علي صفحتها أنها تنتمي للبحرية الأمريكية .. لم ألتفت الي الطلب لأنني في العادة لا أقبل صداقة الا ممن أعرفهم بصفة شخصية أو علي الأقل يوجد بيننا أصدقاء مشتركون وبعدد واف.
المهم مضي وقت طويل ونسيت الموضوع لكن فجأة ظهر الأكونت مرة ثانية أمامي بالصدفة والمفاجأة أن عدد أصدقائها تجاوز الثمانمائة والمفاجأة أو الملاحظة الثانية أنهم جميعا مصريون والثالثة أن عدد الصحفيين بينهم يصل الي المائة.
وبداعي الفضول فحصت البوستات المنشورة علي صفحتها لأكتشف غرائب وطرائف فمعظمها مكتوب باللغة العربية رغم أن صاحبة الأكونت قدمت نفسها علي أنها أمريكية أي تتحدث الانجليزية .. البعض كتب لها عبارات غزل والبعض الآخر عبر لها عن اعجابه بشخصيتها ولا تسأل سؤالاً ساذجاً من نوعية : هل تربطهم علاقة سابقة حتي يتحدثوا عن شخصيتها ؟! المثير للدهشة انها لم تتفاعل مع أي بوست بتعليق أو حتي لايك رغم انها هي التي تقدمت بطلبات الصداقة!!
قد يقول قائل ان أمريكا "باعتبار صاحبة البوست قدمت نفسها علي أنها أمريكية" تعرف كل شيء ولاتحتاج الي هذه الوسائل أو غيرها لتحصل علي ما تريد من معلومات سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو حتي ما يجري في غرف النوم!!
ومع احترمي لأصحاب هذا الرأي فإن طلب الصداقة المرسل لآلاف المصريين وعدم التفاعل مع أي شيء يثير التساؤل خاصة في وجود اعلاميين وأصحاب وظائف مرموقة يأخذهم الحماس أحياناً الي مناقشة أمور شديدة الخصوصية والأهمية ونحن شعب يحب الحديث في كل شيء دون ضابط أو رابط ثم من يعلم انها حقاً أمريكية أو تعمل في المارينز؟؟!!
هذه الحكاية التي رواها لي الصديق والزميل أحمد عمر نائب رئيس تحرير المساء المشرف علي قسم المحافظات قد تؤكد شكوكي أو تفسر بعض الغموض .. الموضوع يتعلق بنجله "محمود" وهو يهوي تصميم صفحات علي تويتر وتلقي منذ فترة عرضاً لشراء احدي هذه الصفحات عن الشاعر العراقي الكبير أحمد مطر.
الي هنا والأمر يبدو عادياً لكن غير العادي أنه بعد مداولات ومفاوضات اكتشف أن الطرف الآخر هو "أفيخاي أدرعي" المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي وعلي الفور أغلق "محمود" الحوار.. والسؤال: هل كان "أدرعي" يريد مناقشة شعر أحمد مطر باعتباره عاشقاً للشعر مثلما يعشق أم كلثوم وعبدالحليم أم أنه يسعي للاستفادة من عشرات الآلاف أو ملايين المتابعين لتمرير ما يريد عبر أسماء مستعارة أو علي أقل تقدير المشاركة في النقاش حول همومنا ومشاكلنا ليستخرج منها ما يحتاجه الصهاينة للإضرار بنا؟؟!!
الجاسوس في الوقت الحالي لم يعد بحاجة الي الجلوس علي المقهي يسترق السمع أو يبحث عن أصدقاء في أماكن مرموقة لمساعدته في جمع المعلومات .فالتكنولوجيا قربت المسافات وأصبح كل شيء يأتيه في مكانه لأن هناك "مساعد جاسوس" موجود في جيبك وعلي المنضدة التي أمامك اسمه الموبايل والكمبيوتر!!!
تغريدة :
يطلقون علي أوروبا لقب القارة العجوز لأن معظم الأوروبيين عواجيز بينما غالبية أبناء المحروسة من الشباب والمستقبل لهم بشرط أن يتحلوا بالأمل ويبدأوا مشوار الألف ميل حتي لو كان الطريق طويلا وليس مفروشاً بالورود.