المساء
مؤمن الهباء
تسليح الأكراد
فجأة وبدون مقدمات أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" انها تلقت موافقة من الرئيس دونالد ترامب علي تسليح المقاتلين الأكراد الذين يواجهون تنظيم "داعش" في سوريا.. وهذه الموافقة سارية فوراً.. وانه تم إقرار توفير الدعم العسكري لوحدات حماية الشعب "الكردية".. لكن تحديد الجدول الزمني لتسليم الأسلحة مازال يتطلب وضع اللمسات الأخيرة.
وعلي الرغم من خطورة هذا الإعلان علي مستقبل سوريا "الدولة" ووحدة أراضيها.. وخطورته علي توازن القوي علي الأرض بين الفصائل المسلحة المتحاربة في سوريا.. سواء أكانت معارضة أو موالية.. إلا ان أحدا لم يهتم ولم يعلق بما يجب أن يقال.. حتي بشار الأسد ونظامه لم يسمع لهما صوت رافض بقوة لهذه الخطوة بالغة السوء.
التعليق الوحيد القوي صدر من تركيا التي لديها حساسية معروفة ضد أي صعود كردي علي حدودها الجنوبية مع سوريا والعراق مخافة أن ينتهي الأمر بإعلان دولة كردية في هذه المنطقة تقتطع أجزاء من أراضيها.. خاصة محافظة ديار بكر الجنوبية ذات الأغلبية الكردية.. وتحارب تركيا أية جماعات أو منظمات كردية مسلحة تعمل من أجل الانفصال.. وتعتبرها امتدادا لمنظمة حزب العمال الكردستاني التي تصنفها ومعها الولايات المتحدة وأوروبا كمنظمة إرهابية.. كما تفق تركيا حجر عثرة أمام جهود أكراد العراق الذين يسعون منذ زمن بعيد لإعلان استقلال دولتهم في الشمال العراقي بدعم أمريكي اسرائيلي.
وقد انتقدت تركيا بشدة قرار ترامب بتسليح الأكراد وأعلنت انه يشكل تهديداً غير مقبول لأمنها القومي.. وردت المتحدثة باسم البنتاجون بأن الولايات المتحدة تدرك تماما المخاوف الأمنية لتركيا شريكتنا في التحالف ضد داعش ونود طمأنة شعب وحكومة تركيا بأننا ملتزمون بمنع أية مخاطر أمنية إضافية وبحماية شريكتنا في حلف شمال الأطلنطي.
وحذرت مصادر قريبة من جهاز المخابرات الاسرائيلية "الموساد" من إمكانية حدوث صراعات عسكرية خطيرة بين الولايات المتحدة والجيش التركي في سوريا بسبب دعم واشنطن للمقاتلين الأكراد في الوقت الذي تستهدفهم فيه المقاتلات التركية.
والحقيقة اننا كعرب كنا أولي من تركيا بهذا القلق من الدعم العسكري الأمريكي للأكراد وأولي بالخوف من خطورة هذه الخطوة علي أمننا القومي.. فنحن علي علم كامل بالطموح الكردي التاريخي لإقامة دولة كردية في هذه المنطقة علي أساس عرقي تكون معادلاً موضوعيا لإسرائيل تبرر وجودها وتخفف من الضغط الدولي علي فكرة يهودية الدولة الصهيونية ولن تقوم هذه الدولة إلا بتقسيم سوريا بين دولة كردية في الشمال ودولة علوية علي ساحل المتوسط ودولة سنية في الوسط.
ولسنا ننسي ان الولايات المتحدة استخدمت نفس الأسلوب في تمزيق العراق إلي 3 دويلات.. شيعية في الجنوبية وسنية في الوسط وكردية في الشمال.. وهذه الدويلات أصبحت واقعا علي الأرض وأصبح الإعلان عن استقلالها مسألة وقت.
لقي تلاعبت أمريكا بالجميع واستخدمت صدام حسين وتنظيم القاعدة وداعش كي تنفذ خططها الموضوعة منذ ثمانينيات القرن الماضي لتقسيم العالم العربي من جديد وتنفيذ المرحلة الثانية من سايكس ـ بيكو المعدلة بمعرفة المستشرق برنارد لويس الذي رسم خرائط التقسيم علي أساس طائفي وعرقي وديني بهدف اضعاف الدول العربية لتكون اسرائيل وحدها القوة الضاربة المتماسك في الشرق الأوسط.
هل يمكن أن يفتح الزعماء العرب هذا الملف الخطير في قمتهم القادمة مع الرئيس ترامب في السعودية؟ هل يستطيعون إعلان مخاوفهم من الدور الأمريكي في تقسيم أوطانهم المقسمة أصلاً؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف