الوطن
هانى لبيب
الدين لله.. والوطن لمن؟!
تربطنى معرفة شخصية بالشيخ سالم عبدالجليل منذ فترة طويلة، كان دائماً من دعاة المواطنة والتسامح والحوار وقبول الاختلاف.. وهو ما روّج له فى ندوات ومؤتمرات عديدة اشتركنا فيها معاً، وذلك بعد أن تراجع عن موقفه الذى هاجم فيه الدولة المصرية عام 2002 عندما جعلت 7 يناير عيداً قومياً للمواطنين المصريين.

حدثت تحولات للشيخ سالم عبدالجليل منذ 25 يناير 2011 وإلى الآن، وهى التغيرات التى انتهت بتصريحاته الأخيرة التى كفّر فيها المواطنين المسيحيين المصريين واتهام ديانتهم بالفساد.

ما يشغلنى الآن ليس تصريحات الشيخ سالم عبدالجليل أو الشيخ عبدالله رشدى من بعده.. فما يشغلنى حقاً هو ذهنية وعقلية التكفير التى بدأت تنتشر فى المجتمع المصرى بهذا الشكل الفج والمعلن والصريح، فضلاً عن خطورة المناصب التى تولاها الشيخ سالم عبدالجليل، حيث عمل إماماً وخطيباً بمساجد وزارة الأوقاف لمدة 13 سنة من عام 1990 وإلى نهاية عام 2002، ثم عمل مديراً عاماً للإرشاد الدينى والمكتبات بوزارة الأوقاف خلال الفترة من عام 2003 إلى عام 2007، ثم عمل رئيساً للإدارة المركزية لشئون الدعوة بوزارة الأوقاف خلال الفترة من عام 2007 إلى عام 2012، وهو ما يعنى أن عمله ارتبط بشكل مباشر بالإسهام فى تشكيل عقلية الأئمة والدعاة. أتذكّر أننى قبل 25 يناير 2011 كتبت أكثر من مقال وصرّحت مرات عديدة على القنوات الفضائية بأن رجال الدين (المسيحى والإسلامى) أو رموزنا الفكرية الدينية «ليس على رأسهم ريشة».. فإذا أخطأ أحدهم فى حق الاستقرار الاجتماعى وفى حق شركاء الوطن يجب تجريمه وتحويله للنيابة العامة لمحاكمته قضائياً طالما لم يستطع تحمل مسئولية مكانته الدينية أو الفكرية. وهو ما جعلنى حينذاك أطالب بتحويل الأنبا بيشوى ود. محمد سليم العوا إلى النيابة العامة، حيث صرح الأول بأن المسلمين ضيوف على مصر.. فردّ عليه الثانى وعقّب بأن الكنائس والأديرة بها أسلحة.

حسناً فعل د. أحمد الطيب (شيخ الأزهر الشريف) من خلال بيان مجمع البحوث الإسلامية، وأيضاً ما فعلته وزارة الأوقاف من إجراءات إدارية وقانونية مع الشيخ سالم عبدالجليل والشيخ عبدالله رشدى، لكى لا نترك الأمر حتى تشتعل الأزمات وتتأجج التوترات.. فتحيّة تقدير واحترام لهما. لا أجد أى مبرر سياسى لدفاع حزب مستقبل وطن عن فتنة الشيخ عبدالله رشدى سوى كونها مغامرة سياسية شبابية غير محسوبة العواقب، وتحتاج إلى مراجعة لكى لا يتداخل الدينى والسياسى بشكل يتعارض مع مصلحة المواطن المصرى والمجتمع. إن تلك الأزمات من الهجوم على العقائد الدينية تحتاج إلى مواجهة قانونية ودينية وفكرية بالدرجة الأولى.

نقطة ومن أول السطر:

هل أصبح الدين لله والوطن لمزدرى الأديان فى مصر.. بعد أن تحول الأمر إلى شو إعلامى لشيوخ الستالايت وكهنته للمبارزة العقيدية الدينية.. دون أى رادع قانونى حاسم وحازم وناجز؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف