الوفد
عباس الطرابيلى
الأستاذية.. في الصحافة والأدب
نسرف كثيرًا في منح الألقاب.. للمتفوقين. ولكن هل كل من يحمل الآن لقب الأستاذ.. هو فعلاً كذلك في واقعنا المعاش؟! قبل أن نجيب تعالوا نستعرض كل من حمل لقب الأستاذ.. وتوابعه.
نعم.. أعترف بالأستاذ محمد حسنين هيكل أستاذًا.. لأنه النموذج الحي لمن يصنع نفسه ويبدأ من أول السلم.. ويصعد، ويصعد حتي يصل إلى القمة.. ولكن هل قام الأستاذ هيكل ـ مثلاً ـ بما يستوجبه هذا اللقب.. يعني، هل كان أستاذًا تولى التدريس والتدريب.. وترك لنا مدرسة تلفت الأنظار الى نموذجه حتى أن البعض ـ من أبناء جيله ـ كان يقلده فيما يرتدي من ملابس.. وما يدخنه من سيجار بل ويقلده حتى في طريقة حديثه.. أم ترك كل من عمل معه ليشق طريقه ويصنع لنفسه النموذج الذي يريده؟! وهو بلا شك الأستاذ الذي تربع على عرش الصحافة «الرسمية» لعقود.. وظل يكتب ويؤلف حتى آخر نفس.. بل هو صاحب أكبر إنتاج في الكتب، بين كل الصحفيين، من جاء قبله.. ومن جاء بعده.
<< ولكن جيلي كان إذا تحدث عن «الأستاذ» تجيء إلى الذاكرة وفورًا ذكرى الأستاذ الحقيقي للصحافة المصرية وهو محمد التابعي، أستاذ هيكل نفسه.. وأستاذ العملاقين مصطفى وعلي أمين. وهو بلا منازع من ابتدع اسلوب الجملة التلغرافية في صياغة الأخبار.. أي فعل وفاعل.. ومفعول.. أو مبتدأ وخبر فقط.. وكان أبرع تلاميذه ـ في هذه الكتابةـ هو العملاق علي أمين.. ثم نجد «الأستاذ» وهو عباس محمود العقاد..حامل الشهادة الابتدائية الذي قال يومًا عندما أخبروه أن جامعة القاهرة سوف تمنحه درجة الدكتوراه الفخرية.. فقال: ومن هذا الذي يمكن أن يمتحنني؟! حقًا.. كان العقاد هو الأستاذ في الأدب وفي المقال السياسي شديد العنف..
<< وكان الكبير جدًا فكري أباظة «باشا الصحافة المصرية» وهو الذي تولى رئاسة تحرير مجلة المصور من عام 1924!! ولكنه كان من الظرفاءـ لم تكن له مدرسة ولم يكن له تلاميذ.. وإن كان حوله جماعة من المريدين يلتقون بمكتبه في دار الهلال.. أو في مسكنه بعمارة الإيموبيليا.
ولكن كان مصطفى أمين هو «بك» الصحافة المصرية.. ومنها أصبح عميدًا لكل الصحفيين المصريين والعرب. وهو في رأيي أستاذ الأساتذة في عالم الصحافة.. وكانت له مدرسته.. وكان هو ناظر المدرسة الذي يحرص علي الالتقاء بتلاميذه كل يوم جمعة يوجه، ويشرح، ويعلل.. ويحسن اختيار المجيدين.. ويوزع عليهم مكافآته الأسبوعية.. لذا هو في رأيي أستاذ أساتذة الصحافةـ الجديدة في مصر وفي لبنان.. أيضًا..
<< وربما يكون محمود عزمي هو الأستاذ الأول لأساتذة معاهد الصحافة والاعلام منذ أنشأ وأدار أول معهد للصحافة تحت اسم معهد التحرير والترجمة والصحافة وكانت مدة الدراسة فيه ثلاث سنوات بشرط أن يكون حاصلا علي الليسانس أو ما يعادلها قبل دخول هذا المعهد.. وبدأ في منتصف الأربعينيات.. ومحمود عزمي هذا كان مندوبًا لمصر في الأمم المتحدة وساهم في كتابة ميثاق الأمم المتحدة!!
ولا أنسى هنا مهندس الصحافة المصرية، أي أستاذ هندسة الاخراج الصحفي المهندس جلال الدين الحمامصي.. خريج كلية الهندسة كما أرادت أسرته.. وهو أول من أمسك بالمسطرة والقلم الرصاص ليرسم صفحات الجريدة لتصبح كما يجب، وهو من أنشأ قسم الصحافة بالجامعة الأمريكية.. ولذلك يستحق لقب الأستاذية.
<< ويبقى أن نسأل: هل انتهى عصر الأساتذة من حياتنا الاعلامية.. ولم نعد نجد من يعلم ويدرب ويدرس للأجيال الجديدة أساسيات العمل الصحفي.. كما انتهى عصر الأسطوات.. والأوسطى هو الأستاذ بلغات هذا العصر والأوان؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف