فيتو
أبو الفتوح قلقيلة
مكتب الوساطات بدلا من مكتب التنسيق
رحل وزير التعليم السابق بعدما عبث في التعليم على قدر استطاعته، وقبلها كان الإخوان والسلفيون قد عبثوا بدورهم وألغوا نظام الثانوية العامة المقسمة على سنتين ليجعلوها سنة واحدة.. وقبلهم بسنوات كان الدكتور حسين كامل بهاء الدين طبيب الأطفال، يقوم بدور مهلك وغير مسبوق في إفشال التعليم المصرى، والحط من كرامة المعلمين، وكل من يمت بصلة لشىء اسمه التعليم العام المجانى في مصر.. الكل عبث وأفسد وجعل من الطلاب الفقراء رواد التعليم العام فئران تجارب لعبثهم ونزقهم وجهلهم أيضا بالتعليم وقواعد التربية.. لكن أحدا منهم لم يجرؤ على التفكير في إلغاء مكتب التنسيق، وجعل الثانوية العامة شهادة منتهية كالدبلوم لا قيمة لها بدون واسطة كبيرة ومحسوبية مقيتة إلا وزير التعليم الجديد!

إن وجود مكتب التنسيق والاحتكام للدرجات الفعلية للطلاب كمعيار لدخول أبناء الفقراء الجامعة، وإحداث حراك اجتماعى فعلى في حياتهم ضرورة حياتية لا تقل أهمية عن الغذاء والماء والسكن لكل مصرى فقير من غير ذوى الحظوة، فأبناء الفقراء باجتهادهم وبالدروس الخصوصية أيضا التي لا تحاربها الدولة لأنها تعرف أنها البديل الوحيد للمعدمين الفقراء والمهملين ماديا واجتماعيا، هي الطريق الوحيد لأبناء عامة الشعب المصرى للالتحاق بكلية محترمة، بعيدا عن المصروفات الفلكية للجامعات الخاصة، وبالطبع بعيدا عن كليات المناصب الحساسة التي لا يعرف أبناء الغلابة الطريق إلى أبوابها لأسباب يعلمها الجميع!

إذن أن تلغى مكتب التنسيق وتحتكم لاختبار القدرات في جامعات الكثير من أساتذتها معينون بالواسطة أو بطرق غير مشروعة، هو كارثة في حد ذاتها وتصريح شبه رسمى بجعل الفساد هو معيار القبول في الجامعات.. بصراحة وكما قالت لى إحدى الطالبات الفائقات: ستصبح الجامعة حكرا على من ينجح في اختبار الوساطات وليس اختبار القدرات.

الغريب والمريب في إصرار الوزير الجديد على ذلك هو حديثه عن رفع الأعباء المالية عن الأسر المصرية، حيث لن يكون للمجموع دور في تحديد جهة الطالب بعد الثانوية العامة.. تناسى الوزير أن نظامه الجدي الذي سيجعل من الثانوية العامة شهادة تراكمية يحسب النجاح والدرجات فيها وفقا لمجموع الطالب في الثلاث سنوات، أن ذلك سيجعل الطالب مضغوطا من كل المعلمين، حتى من معلمى الأنشطة والمجالات عديمة الفائدة، لأن كل هؤلاء سيكون لهم درجات تحدد أول مرحلة من مستقبل الطالب.. إذن ستكون الدروس في جميع المواد تقريبا، ولمدة ثلاث سنوات، خاصة أن المعلم في مصر يحصل على أدنى كادر مادى فعلى في الدولة، ويتفوق عليه العامل أو الفراش في أي وزارة محظوظة أو بنك أو حتى شركة قابضة!

الأمر الثانى الأخطر من ذلك هو عدم وجود رؤية واضحة لاختبار القدرات الذي ستحدده كل جامعة مما يجعل الجميع شبه موقن بشىء واحد وهو ضياع مستقبل أبنائنا الطلاب من عموم المصريين الذين لا يقدرون على إلحاق أبنائهم بالمدارس الدولية والأجنبية التي لا يستطيع الوزير أو غيره التحكم فيها أو مجرد ذكرها في نظامه الجديد.. فقط أبناء فقراء المصريين هم العبيد الذين يتم التحكم فيهم وفى مستقبلهم دون أي حساب أو اعتبار لهم!

يبقى أمر هام جدا وهو خطورة هذا العبث على السلم الاجتماعى والأمن العام لكافة المواطنين الذين يكابدون عناءُ يوميا في الحصول على الطعام، في ظل غلاء مستعر ساعة بعد أخرى، لا يحتمل الأمر عبث من كل وزير جديد يطرق باب الوزارة، ولا يحتمل الوطن اضطرابات عنيفة قد تعصف بأمننا القومى لمجرد وجود مجموعة في وزارة ما تعبث بدولة وبشعب وتضيع مستقبل أبنائه.. خاصة وإن كان كل من يصمت ويرضى بغلاء أو غيره يفعل ذلك في المقام الأول حرصا على مستقبل أبنائه، فما الذي يمكن أن يحدث عندما يجد الآباء الصابرون والأمهات الصابرات أن مستقبل أبنائهم الذين يتحملون المر من أجلهم ضاع بسب توريث الوظائف وتوريث أيضا الأمل.. مجرد الأمل في دراسة جامعية قد تدفع بهم يوما للأمام !
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف