المساء
محمد جبريل
يوم أكل الثور الأبيض!
في الخامس عشر من مايو 1947 خرج الانتداب البريطاني من فلسطين. لتحل العصابات الصهيونية بدلا منه.
لم تكن القضية - منذ بدايتها - قضية فلسطين. لكنها قضية الغزوة الصهيونية المدعومة بالاستعمار الأوروبي للمنطقة العربية. لفلسطين وسوريا ولبنان والأردن و العراق و غيرها من أقطار المنطقة. التي مازال بعضها يتصور - للأسف - أنه في منأي عن تطورات الصراع ونتائجه المحتملة.
أذكر قصة لي بعنوان "المستحيل" تتحدث عن ذلك الذي أزعجته معارك الجيران مع الجماعات الوافدة. فأغلق عليه باب بيته ليعزل نفسه عما حوله. فلما ظل الصخب علي ارتفاعه خارج البيت. أغلق النوافذ. ثم وضع السواتر. وكوم الأثاث. ليدرأ الاحتمالات السلبية. لكن النافذة - في لحظة غير متوقعة - ما لبثت أن تحطمت. وأطلت منها العينان المحملتان بالشر!
كان سلب فلسطين معلما خطيرا في خريطة التقسيم التي تشي كل الدلائل أنها قد تم الاعداد لها. والبدء في تنفيذها. في قرون السبات العربي. حين كانت أقطاره ولايات تابعة للأستانة.
فلسطين هي الثور الأبيض الذي كان أكله مقدمة لالتهام بقية الوطن العربي. كل الوثائق الاستعمارية. الغربية والصهيونية. تتحدث عن فلسطين باعتبارها إقليما في الوطن العربي. وتجد في الوطن العربي جسدا واحدا. تذهب كل المخططات والاستراتيجيات للاستيلاء عليه. والسيطرة علي مقدراته. ومحو ثوابته تماما. ونشير إلي مقولة بن جوريون: إن حدود اسرائيل هي آخر نقطة يصل إليها الجندي الاسرائيلي. وإلي المؤامرات المعلنة. والخفية. التي تحاول السلطة الصهيونية من خلالها. أن تفرض الهوية الاسرائيلية علي امتداد الوطن العربي. لا تستثني من ذلك استبدال اللغة والعلم والنشيد الوطني. وقد حدثتنا باحثة جامعية مصرية عن الإجابة الصهيونية حول القرآن الذي هو لغة العرب: يترجمونه إلي العبرية!
المشكلات خطيرة. الأخطر هو تجاهلها. التقاعس عن إيجاد حلول لها: الحرب الأهلية في سوريا. وإصرار القوي الأجنبية علي تصفية القدرات العسكرية. واستنزاف المقومات الاقتصادية والثقافية. حتي التراث يحرصون علي سرقته أو تدميره. وإن زعموا الدفاع عنه فصل جنوب السودان عن شماله. وبذل المحاولات لفصل دارفور وكردفان. الحرب القبلية و الطائفية بين قبائل اليمن وقبائل الحوثيين. التصدي لسيطرة إرهاب داعش علي مساحات واسعة في ليبيا و العراق وسوريا. وتطلعه المجنون لدولة خلافة قوامها المذابح والخرائب وجماجم البشر. والعيش فيما قبل الضمير الانساني.
التصدي لكل هذه المشكلات مسئولية القادة العرب. موضعها الجامعة العربية الموازية - علي مستوي العالم - للجمعية العامة للأمم المتحدة. ومجلس الأمن. وعلي مستوي التكتلات الاقليمية للمنظمات الافريقية والآسيوية ودول أمريكا اللاتينية وغيرها.
مسئولية المندوبين الدائمين للأقطار الأعضاء في الجامعة هي إعداد جدول الأعمال من واقع الأحداث وبصورة متجددة. بحيث تكتمل الصورة أمام أصحاب القرار قبل أن يتخذوا قراراتهم. وهي قرارات لابد أن يكون شاغلها ما جري للثور الأبيض!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف