الوفد
طارق تهامى
صناعة الزجاج أهم من «الساندوتشات»!!
<< قلنا فى الأسبوع الماضى، إن الاقتصاد، لا يتم بناؤه، عبر مشروعات بيع الساندوتشات، وجمع الكراتين، وإن مهمة المسئولين، فى هذا البلد، ليست التصوير مع نماذج، هى فعلًا مكافحة، ولكنها تمارس أعمالا، لا تساهم فى الناتج القومى، ولا تؤدى إلى زيادة الإيرادات الحقيقية، لمنظومة الاقتصاد!!
<< وعدتكم بأننى سأقدم لكم نماذج، لمشروعات، يجب على المحافظين، والوزراء تبنيها، ومساعدتها، لأنها مشروعات حقيقية تساهم فى الناتج القومى!! تعالوا نتابع حديثنا، مثلًا.. محافظ الدقهلية، الذى كان حريصًا منذ أيام، على التقاط الصور، مع بائع كراتين تسعينى، ليحاول إقناعنا، بأنه رجل شغال، ويشجع الشغالين، لماذا لا يقوم بزيارة قرية «الجراح» بمركز أجا، لسؤال الناس هناك عن احتياجاتهم، ومشكلاتهم، والمعوقات المتعلقة بالإنتاج؟! قرية الجراح لمن لا يعرفها، هى القرية النموذجية الأهم فى محافظة الدقهلية، لأنها نجحت فى القضاء على البطالة تمامًا، فجميع أبناء القرية يعملون فى صناعة الزجاج، وتعمل النساء فى زخرفتها، وتخصصت القرية فى هذه المهنة، حتى تمكنت الورش الموجودة بها، من تشغيل الكبار والصغار، فى مراحل التصنيع المختلفة، بل إنها نجحت فى تشغيل بعض ابناء القرى المجاورة، فى هذه المهنة، ونجحت أيضًا بعض الورش فى تصدير المنتجات للخارج، وساهمت فى جلب عملة صعبة للبلاد، ورغم ذلك فالمحافظ يهتم ببائع الكراتين، متعه الله بالصحة، ويتجاهل مساعدة قرية كاملة تساهم فى الناتج القومى، ولا يسمع حاجتهم لتدخل الدولة فى تطوير عمل الورش هناك، وتحويلها إلى مصانع كبيرة، بتكلفة تصل إلى مليار جنيه، أو ما يوازى 60 مليون دولار، لن تضيع فى الهواء، ولكنها ستحقق مئات الملايين من الدولارات خلال سنتين على الأكثر، لتتحول إلى صناعة عملاقة تحقق دخلًا ثابتا، للقرية، والمحافظة، والدولة!!
<< ..وبمناسبة الزجاج.. هل تعرف أن منطقة البحر الأحمر، ووسط وجنوب سيناء يوجد فيها «كنز»؟ نعم كنز طبيعى اسمه رمال الصحراء!! لأن مصر واحدة من أهم دول العالم، فى امتلاك الرمال البيضاء وبكثافة عالية، وهذا النوع من الرمال يتم استعماله فى تصنيع الزجاج والكريستال، وللأسف نحن نقوم بتصدير هذه الرمال البيضاء إلى عدد من البلدان الصناعية فى أوروبا وآسيا، خاصة، إيطاليا والصين، بسعر 20 دولارا للطن، وتقوم هذه الدول بتصنيعه، وإعادته لنا زجاجًا فاخرًا، بسعر يتراوح بين 100 و200 دولار للطن الواحد!! بل يتزايد السعر إذا تم تحويله إلى رقائق إلكترونية!! ورغم ذلك لا تسعى الدولة، بأى صورة، لتحويل الرمال إلى ذهب، من خلال إنشاء مصانع عملاقة، تقوم بتحويل هذا الكنز المجانى المتواجد منذ آلاف السنين فى صحرائنا الشرقية إلى زجاج مصرى فاخر!! أعرف عددا من الشباب الذى حاول منذ سنوات إقامة مصانع زجاج فى منطقة سيناء والبحر الأحمر، بالتعاون مع عدد من رجال الأعمال الصينيين، الذين يمتلكون أموالًا، وتكنولوجيا التصنيع، لكنهم، كانوا يصطدمون فى كل مرة بالروتين، الفاشل الفاسد، ولم ينجحوا فى إقناع هذا الروتين، قاتله الله، بإقامة هذا المشروع المربح لأصحابه، والمفيد للناتج القومى المصرى، وللاقتصاد الوطنى الذى يحتاج للعملة الصعبة، وللإيرادات الخارجية الحقيقية!! ألا تستحق هذه الفكرة رعاية الدولة أكثر من مشروعات الساندوتشات؟! ألا تستحق مصانع كريستال عصفور وياسين لصناعة الزجاج ومصانع مدينة السادات للزجاج، البحث فى أسباب تراجعها وفشلها إداريًا وإنتاجيًا، خلال السنوات الماضية؟ ألا يستحق أصحاب ورش صناعة الزجاج الصغيرة تسليط الضوء على مشكلاتهم، واستماع المحافظين لهم، مثلما يستمعون، لأصحاب عربات الساندوتشات؟!
<< النماذج التى تستحق الاهتمام والرعاية، كثيرة، ولكن إرادة الدولة غائبة عن اقتحام المشكلات الاقتصادية الحقيقة!! اهتموا بنماذج الصُناع الشقيانين، فهم أكثر أهمية من نموذج بائعى الساندوتشات، والبرجر والكراتين!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف