عباس الطرابيلى
أستاذية «هيكل».. وأستاذية مصطفي أمين
«الأستاذ» محمد حسنين هيكل هو بلا منازع أستاذ الصحافة الرسمية.. وبمرسوم رئاسي «ناصري» قام أولاً علي إبعاد كل منافسي «هيكل» عن مؤسسة الرئاسة.. ولكن مصطفي أمين هو- وبلا أي منازع- أستاذ الصحافة الشعبية، أي الجماهيرية.. وفرق شاسع بين لقب يمنحه السلطان بمرسوم رئاسي.. ولقب تمنحه الجماهير لمن تعشقه.. وترفعه بذلك إلي قمة الأستاذية!
ومن نظرة «هيكل» ونظرة مصطفي أمين لفكرة الأستاذية والقمة نقول إن النظام «الناصري» تعمد إخلاء الساحة من الصحفيين الكبار، الذين كانوا ينافسون «هيكل» علي هذه القمة.. وبدأت عملية الإخلاء بإزاحة الأساتذة الكبار والعمالقة: أحمد أبوالفتح «المصري» وإحسان عبدالقدوس «روزاليوسف» ومصطفي أمين «أخبار اليوم».
<< و«هيكل» كان يري القمة لوحده فقط.. ولا أحد ينافسه.. أو يصل إليها، نقصد يصل إلي قلب السلطان.. بينما كان مصطفي أمين يؤمن ويقتنع بأن القمة كبيرة وواسعة، بما فيه الكفاية، لكي يتربع عليها أكثر من أستاذ.. ولذلك أهم بل أبرز صفات مصطفي أمين انه كان صانعاً للنجوم.. ليجلسوا معه.. ينيرون المشهد كله، ولذلك صنع نجوماً في مقدمتها أحمد رجب، سعيد سنبل، موسي صبري، أنيس منصور، وغيرهم.. وإذا بحثنا عن نجوم صنعها «هيكل» نجدهم اهتموا فقط بتقليده فيما يلبس أو يدخن أو حتي يتكلم.. ولذلك عاش نجوم مصطفي أمين.. ولم يسطع نجم واحد ممن عملوا بجوار «هيكل».. ووالله هذا الكلام ليس فيه أي تجنٍ علي الأستاذ «هيكل» واقرأوا من جديد ما كتبه الأستاذ الكبير صلاح منتصر عن «هيكل» ومصطفي أمين.
<< حقيقة صنع «هيكل» «مبني» الأهرام الجديد.. ولكن ألم يسبقه مصطفي أمين عندما أنشأ أول دار صحفية حقيقية يمكن أن نقول عنها إنها «دار» مصرية خالصة.. وتابعوا: تلامذة مصطفي بك الذين أقاموا صحافة جديدة في مصر ولبنان ودول الخليج بل والمغرب العربي.. وتلامذة «هيكل» الذين تقمصوا «قميص هيكل» قبل أن يتقمصوا مدرسته الصحفية!
«هيكل» أقام المبني.. ومصطفي أمين أقام المعني! ولذلك كان أي صحفي عربي يفكر في الاستعانة بصحفيين مصريين ليقيموا معه صحافة حديثة في بلاده.. كان يلجأ بل ويلهث وراء تلاميذ مصطفي أمين.. ومدرسته الصحفية.. وكانوا في المقابل يخشون مدرسة «هيكل» و«تلاميذ هيكل» إن وجدوا.. لأنهم- كل العرب كانوا يخشون تكرار تجربة الصحفي الأوحد.. أو صحفي السلطان.. وما أدراكم ما صحفي السلطان من وجهة نظر الأشقاء العرب!!
<< نعم كان الكل يترقب عدد «الأهرام» صباح كل جمعة ليقرأوا بصراحة.. ليس حباً في الكاتب، ولكن ليعرفوا كيف يفكر السلطان نفسه.. بينما كان الكل يلهث وراء صحف «أخبار اليوم» لأنها كانت تعبر عنه.. عن احتياجاته وعن مشاكله.. ولذلك لم يهتز توزيع صحف «أخبار اليوم».. بل وأقولها بكل صراحة ان نجاح مدرسة مصطفي أمين وصحافته كانت وراء تشتيت الأخوين مصطفي وعلي أمين.. وكانت وراء تدمير فكرة التوءم لإنشاء صحيفة يومية جديدة تصدر عن.. «دار الهلال».. عندما تم تشريدهما إلي هناك!
<< وليس سراً أن مؤامرة صلاح نصر ضد مصطفي أمين ومحاكمته بتهمة التجسس كانت جزءاً من الحرب بين الصحافة الرسمية ويمثلها «هيكل» والصحافة الشعبية ونجمها مصطفي أمين.. بل كان خوف «هيكل» من عودة نجومية صحف مصطفي أمين وراء محاولاته العديدة لتأخير قرار «السادات» بالإفراج عن مصطفي أمين.. فهمتوها بقي؟!