محمد جبريل
إضراب الأسري ليس انتحارًا!
حين يقدم أسير أو معتقل علي الإضراب عن تناول الطعام. فإنه لا يستهدف ـ بالتأكيد ـ أذية جسده. أو الانتحار. بل إن شاغله في معاناة الإضراب أن يدرك الرأي العام أبعاد القضية التي يناضل من أجلها. والتي كان الاعتقال. أو الأسر. نتيجة لها. فإذا قاربت أعداد المضربين الألفي معتقل. فإن رد الفعل المتوقع يتسق ـ بالضرورة ـ مع تلك الأعداد.
لقد بدأ الناشطون الفلسطينيون إضرابهم في السجون الإسرائيلية. سعيًا لتبصير الرأي العام العالمي بخطورة الأوضاع في الأرض المحتلة. سواء ما يتصل بأحوال الوطن. أو ظروفهم المعيشية القاسية.
لأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تفهمت معني الرسالة جيدًا. وهي تحرك الرأي العام في العالم استجابة لمخاطر الإضراب. فقد حاولت أن تكتم الفكرة في بداياتها. وفرضت الميديا الصهيونية عليه حصارًا من التعتيم. بحيث تختفي جدوي قيامه. ويضطر المضربون من ثم إلي إنهائه. لكن الإضراب ظل قائمًا. وامتد إلي الكثير من السجون والمعتقلات الإسرائيلية. وزادت أعداد المشاركين فيه. ولجأت سلطات الاحتلال إلي الوسائل القهرية لإيقاف الاضراب. ومنها التغذية القسرية بإدخال المواد الغذائية لجسد المضرب عن الطعام بالقوة. وشارك الأطباء في محاولة إفشال الاضراب بالامتناع عن علاج الحالات التي تتطلب تدخلاً طبيًا. إلا بعد أن ينهي الأسير اضرابه. أو حقنه بالغذاء في الأوردة. وهو ما أفقد الكثير من المعتقلين ـ في حالات مماثلة من قبل ـ أرواحهم. وقد يظل الأطباء علي تصرفاتهم المتعسفة حتي يصاب الأسير المضرب بالإغماء أو يفقد الوعي.
بدأ الأسري الفلسطينيون أولي الخطوات. وهي تعريض حياتهم للخطر تذكيرًا للعالم بالمأساة التي يعيشها الشعب العربي في فلسطين. ويعيشها الأسري في السجون والمعتقلات. وبقية الخطوات مسئولية الرأي العام العالمي. والرأي العام العربي بخاصة. بنزع التعتيم عن أحوال آخر المستوطنات في العالم. وما يشهده شعبها من ممارسات تجافي أبسط حقوق الإنسان.
الصدي الإيجابي هو ما يجب أن تعكسه المؤسسات الحكومية. ومؤسسات المجتمع المدني. النقابات والاتحادات والروابط والأحزاب ومنظمات حقوق الإنسان. إضراب الأسري الفلسطينيين ليس عرضًا للفرجة. فبوادر تصاعده تبين الآن في عدم القدرة علي مغالبة احتياجات الجسم من الطعام. الاكتفاء بالمشاهدة والتأثر ومصمصة الشفاه ليس ما يطلبه الأسري. إنهم يطلبون المساندة بكل الوسائل. بالرسم والكلمة والشعار ووسائل الاتصال الاجتماعي. حتي تصل حقيقة الأوضاع في الأرض المحتلة. وفي السجون والمعتقلات. إلي الرأي العام في كل مكان.
هامش: أخيرًا. قام عمال هيئة نظافة وتجميل القاهرة بإعادة إحياء حديقة أمازيس بحي النزهة. بعد أن تحولت إلي أرض مجدبة بامتياز. إذا كانت اللا مبالاة حرص الكثير من مسئولي هذه الأيام. فإن استجابة المهندس حافظ السعيد ـ وإن تأخرت ـ تستحق التقدير والشكر.