الجمهورية
على هاشم
رغم الصعوبات.. مصر تتحرك وتتقدم!
كثيرة هي الصعوبات التي واجهتها مصر ولا تزال في السنوات الأخيرة بعضها خارج عن إرادتها وبعضها تسببت فيه سوء إدارة حكوماتها المتعاقبة وارتفاع سقف الطموحات الشعبية التي جاوزت المتاح والممكن بعد ثورة يناير دون عمل أو إنتاج حقيقي يلبي هذه الأماني المشروعة فكان ما كان من انفلات وانقسام واحتجاج واستنزاف اقتصادي ارتفعت معه الديون وانخفضت فيه الموارد بدرجة كبيرة ورغم كل هذه المتاعب والفوضي التي عصفت بدول حولنا فإن مصر لا تزال تتحرك إلي الأمام وتتغير إلي الأفضل رغم الأخطاء والمعاناة التي يعانيها فقراء هذا الشعب وسواده الأعظم جراء انفلات الأسعار التي جاوزت حدود المعقول.
أحوال الناس لا أظنها خافية علي الحكومة بل إن الرئيس السيسي ذاته يشكو من البيروقراطية العميقة والروتين البليد الذي يبلغ أحيانا حد الجمود والتخلف .. أحوالنا يكاد يلخصها ببراعة الفلاح الفصيح الحاج حمام علي عمر الذي قدم للرئيس شكواه. معبرًا عن مواجع أهل قريته المراشدة بقنا وشكوي الفلاح الفصيح ليست جديدة علينا بل وجدناها في نقوش الفراعنة وتراثهم الحضاري رغم مما حققوه من إنجازات تكاد تلامس في رأينا حد المعجزات الأمر الذي يعني أن البيروقراطية آفة متأصلة فينا منذ القدم لها جذور يغذيها الإهمال والروتين والفساد الذي يعطل المراكب السائرة ويجرد كل إنجاز من مضمونه . وكل نجاح من حيويته وبهائه وهو للأسف ما تعايش معه رؤساء مصر قبل السيسي الذي حذر منه مرارًا خصوصًا في مشروع المليون ونصف المليون فدان.
ما يجعلنا نتفاءل ونتمسك بالأمل أنه رغم كل المعوقات والأخطاء وما يفعله أهل الشر لإهالة التراب علي كل بقعة مضيئة في حياتنا فإن العجلة تدور وهاهي مشروعات تتدفق في طول مصر وعرضها حيث افتتح الرئيس بالأمس القريب عددًا من المشروعات في الصعيد المحروم من التنمية منذ عقود وعقود مهما أنكر المبطلون وروج الأفاكون غير ذلك.
ان ما جري من إنجازات ملموسة في قطاع الكهرباء مثلاً يجعلنا علي يقين أن النجاح ليس مستحيلاً إذا صدقت النوايا وخلصت الضمائر واشتدت الهمم.. فكم شكونا وشكا ملايين المصريين من انقطاع المتكرر بالساعات للتيار الكهربائي في السنوات السابقة وما ترتب عليه من أضرار اقتصادية وتلف في الأجهزة المنزلية وتوقف في إنتاج المصانع وتهديد لحياة المرضي في المستشفيات وغرف العناية المركزة وحضَّانات الأطفال وتوقف الخدمات في المرافق الحكومية المرتبطة بالكهرباء كانت الشكاوي مُرَّة . والحلول عاجزة عن احتواء الأزمة حتي ضاقت الصدور ثم نجحت مصر في عبور أزمة الكهرباء ونقص الوقود وفساد محطات الطاقة وعدم كفايتها.. كانت أزمة طاحنة بكل المقاييس لكن كيف تغلبنا عليها وعوضنا النقص الحاد في التيار الكهربائي حتي حققنا فائضا يزيد علي 8000 ميجاوات ومخطط له أن يصل إلي 22 ألف ميجاوات مع نهاية العام الحالي وسيتضاعف معدل الإنتاج الكهربائي في السنوات المقبلة.. الحل يكمن في وجود الإرادة والتخطيط السليم والقدرة علي التنفيذ ووجود وزير ناجح ترجم أفكار الرئيس وطموحات الشعب إلي برنامج عمل قابل للحياة ثم ها نحن مقبلون علي تحقيق اكتفاء ذاتي من الغاز الطبيعي منتصف العام المقبل . وسوف يجري تسليم 650 ألف وحدة إسكان اجتماعي للشباب وتشغيل أنفاق القناة التي تربط الوادي والدلتا بسيناء كما حققت مصر نجاحًا أشادت به منظمة الصحة العالمية في علاج فيروس ¢سي ¢ الذي كاد يفتك بأكباد المصريين بلا رحمة وهي تجربة محط أنظار الدول التي تعاني مثلنا من انتشار الفيروس وارتفاع تكلفة علاجه هذا النجاح ما كان ليتحقق لولا توفر الإرادة وإسناد هذا الملف لعناصر ذات كفاءة ورؤية وإصرار علي النجاح .
ورغم ما أشرنا إليه من معوقات ومصاعب فلا تزال مصر قادرة علي رسم ملامح المستقبل بدقة سواء في مشروعات الطرق والكباري أو الزراعة والصناعة حتي تسترد الدولة عافيتها . وتملك زمام اقتصادها وتعليمها وصحتها وجميع مقومات وجودها .. فأي تباطؤ أو إحباط يعيدنا للوراء سنين طويلة .. نحتاج فقط إلي ثورة ضمير ويقظة عقل وإصلاح إداري يطهر أجهزتنا ومؤسساتنا من البيروقراطية ومن أعداء النجاح والتطوير .. مصر في حاجة لثورة في الإنتاج الزراعي والصناعي والعلمي وتشغيل المصانع المتوقفة . وضخ استثمارات في مشروعات حقيقية صغيرة ومتوسطة أو كبري .. فهذا وحده الحل الآمن لمشكلاتنا . القادر علي إنهاض الاقتصاد وإعادة القيمة لعملتنا الوطنية التي تخلت عن مكانتها أمام الدولار وغيره من العملات الأجنبية وهو ما طحن الفقراء وزلزل الطبقة الوسطي وأوقع بكثير من أهلها تحت خط الفقر لا لشيء إلا لأننا نعتمد في غذائنا ودوائنا وكسائنا علي المستورد .. وهنا يداهمنا سؤال: كيف نتوقع عودة الجنيه لسابق عهده دون تغيير حقيقي في نمط إنتاجنا أو منهجنا الاقتصادي.. كيف والسياحة لا تزال دون الآمال والتصدير لا يغطي الاحتياجات الضرورية من الدولار والسؤال الأهم: لماذا لا نستنسخ نجاح تجربة الكهرباء في مجالات ووزارات أخري لا تزال تحقق خسائر وتغرق في الديون رغم أنها في الأصل إنتاجية وربحية كالبترول والصناعة والسياحة وغيرها .
المؤسف أن بعض نخبتنا وإعلامنا لا يرون إلا نصف الكوب الفارغ وكم تعرض وزير الكهرباء الحالي للنقد والهجوم والسخرية والتهكم قبل يونيو 2015 لكن هل سلط الإعلام نفسه أضواءه علي إنجازات حقيقية نراها اليوم رأي العين في صمود التيار في أوقات الذروة .. لماذا لا يحتفي هؤلاء بالنجاح وليس بالوزير.. لماذا لا نهتم بكل إنجاز يتحقق علي أرض مصر ـ صغيرًا أكان أم كبيراً ـ أليست صناعة الأمل أهم أركان بناء الروح المعنوية العالية للشعوب.. هل رأينا شعوباً محبطة تنتج أو تبدع أو تخرج من أزماتها.. أليست وظيفة الإعلام الإشادة بالنجاحات علي قدم المساواة مع التنبيه إلي مواطن القصور والخلل حتي تعتدل كفتا الميزان.. الإعلام الذي يجري وراء السلبيات فقط فيهول منها وينفخ فيها ويتجاهل الإيجابيات هو إعلام غير موضوعي وغير محايد.
لقد تولي وزير الكهرباء الحالي المهندس محمد شاكر المسئولية في مارس 2014 . ونجح أن يحقق طفرة لم نعهدها منذ عهد الوزير الناجح الراحل ماهر أباظة طيَّب الله ثراه الذي استحق لقب أبوالكهرباء في مصر.. نجح شاكر ومن معه أن يخرجوا قطاع الكهرباء من كبوته وتدهوره وعجزه إلي نهضته وقدرته علي تحقيق فوائض في الطاقة.
لقد كتبت مقالاً ساخطاً علي أحوال الكهرباء وأداء وزيرها قبل يونيو 2015 وقلت وقتها: لا أدري لماذا عدت بذاكرتي للوراء وتذكرت ما كانت تعانيه مصر في عصور مضت من فقر في الخدمات الأساسية.. تذكرت كل ذلك حين لاحظت كغيري الانقطاع المتكرر للكهرباء لساعات طويلة في القاهرة والمحافظات وربما يكون ذلك مقبولاً لو حدث في أعقاب حروب خاضتها مصر واستنزفت مواردها .. لكن ما ليس منطقيًا أن يحدث ذلك الآن في ظل تطور الخدمات والمرافق فانقطاع الكهرباء ظاهرة قديمة ارتبطت في أذهان الناس بالتخلف العلمي والتكنولوجي أما الآن فهناك زيادة ملموسة في موارد وزارة الكهرباء وذلك تناقض يدعو للتساؤل: إذا كان ذلك كذلك فلماذا تنقطع الكهرباء هل من المعقول أن يحدث ذلك في قطاع منتج يأتيه عائد منتظم كل شهر .. وإذا كان البعض يتذرع بزيادة الإهمال وكثرة استخدام أجهزة التكييف التي جاوز عددها 5 ملايين وغيرها من الأجهزة المنزلية في أوقات الذروة فأين خطط الحكومة واستراتيجياتها للمستقبل وكيف يغيب عن المسئولين فيها أنه من الطبيعي أن تزداد معدلات الاستهلاك بزيادة السكان وتحسن مستوي معيشتهم وازدياد احتياجاتهم ولا أدري كيف لم يدر بخلد المسئولين أن الناس لا تستطيع العيش دون كهرباء كيف يستطيع المرضي ولاسيما الحالات الحرجة الحياة دون أجهزة إفاقة وإنعاش في العناية المركزة ألا يعلم هؤلاء المسئولون أن أداء الخدمات في المرافق الأخري مرهون بوجود الكهرباء .. انقطاع الكهرباء مَضرَّة كبيرة. تصيب الحياة بالشلل التام. وتعرض صحة الناس للخطر وتتسبب في تلف الأجهزة الكهربية وتكبد المجتمع خسائر كبيرة تُخصم في النهاية من موارد الدولة واقتصادها القومي ولا يمكن لأي استثمار جديد أو سياحة أن يتحقق دون كهرباء وماذا سنصنع عندما يتجاوز عددنا 100 مليون نسمة.. أين خطط الحكومة للسنوات المقبلة هذا بعض ما كتبته في هذا المكان عام 2012 واليوم تغير الواقع وتبدل السوء حسنا إذ أدرك الرئيس السيسي منذ توليه المسئولية أنه ما من تنمية حقيقية من دون توفر طاقة كافية وأن الكهرباء صارت كالماء والهواء وأنه لابد من توفيرها بأي ثمن ومهما يكلفنا ذلك من أموال لذلك كنت أرجو أن نستهل هذا الصيف الحار بحديث منصف عما تحقق من إنجاز كبير في قطاع الكهرباء كيف كنا وكيف أصبحنا .. لماذا لا نشيد كما نهجو وننتقد.. لماذا لا نشد من أزر المسئول إذا نجح في عمله فأنجز وأصلح.. لماذا يصر بعضنا علي وضع الإعلام في خانة الاتهام بالسوداوية وتهويل المثالب وتحقير المزايا والمنجزات هل هو السعي الحثيث لكسب الإعلانات وزيادة نسب المشاهدة.. أليس الوطن خيرًا وأبقي؟!
وإذا كنا نعاني اليوم من زيادة كبيرة في أسعار الكهرباء حتي يجري تحرير سعرها في مدة مقدارها 5 سنوات وفقًا للخطة الموضوعة.. أليس من الأوفق التريث فيما تبقي ورفعها بالتدريج حتي لو اضطررنا إلي مد الأجل إلي 3 أو حتي 4 سنوات أخري» مراعاة لظروف الفقراء الذين تطحنهم الظروف الاقتصادية الصعبة.. ألا يكفي ما يتجرعه هؤلاء يوميًا من جراء استغلال التجار وجشعهم ومغالاتهم في الأسعار نرجو أن تبحث الحكومة عن حلول خارج الصندوق القديم رفعًا لمعاناة السواد الأعظم من الناس نرجوها ألا تفسد أو تطفئ مناطق منيرة تشهد إنجازات حقيقية بمثل هذه الإجراءات.
هناك تغيير إيجابي وتحرك كبير نحو المستقبل لا يمكن تجاهله رغم المصاعب والثمن الفادح الذي ندفعه نتيجة تراكمات السنين وأخطائها.. علينا أن نحتفي بالإنجاز بقدر ما ندين السلبيات والإخفاقات حتي تتحقق عدالة النقد والأهم صدق القول والوعي.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف