التحرير
أحمد خير الدين
الأمن يجيب عن سؤال عمرو أديب
حين كان إيمانويل ماكرون يطل على العالم من ساحة متحف اللوفر ملقيًا خطاب النصر في الانتخابات الرئاسية الأخيرة ظهر الإعلامي عمرو أديب في برنامجه "كل يوم" على قناة "أون تي في" مجاورا له في الشاشة قبل أن ينقطع صوت ساكن الإليزيه الجديد ليبدأ أديب حلقته بإعلان إعجابه بتجربة وقدرات الرئيس الفرنسي المنتخب، متمنيا رؤية شاب مصري يستطيع فعل ذلك. لديه الوعي السياسي والاقتصادي الذي يمكنه من مخاطبة الناس كما وصفه، ثم سأل بكل بساطة -والحيرة والتعجب في صوته وملامحه-: ليه ماعندناش الناس دي؟ ليه الأحزاب ما بتطلعش ناس كده؟ سبق السؤال الهجمة الأخيرة على الشباب، ورغم أن أعداد المنتظرين للتفضل بالنظر في طلبات العفو عنهم من ظلمات السجون -إن اقتربت مناسبة أخرى- كانت كافية للإجابة عليه، فإننا الآن أمام إجابة نموذجية جديدة عن السؤال. من الإسكندرية إلى قنا وسوهاج، مرورا بالسويس والشرقية وبورسعيد انطلقت الحملة الأمنية الأخيرة لتطال فاعلين في حزبي الدستور والعيش والحرية، وحركة السادس من أبريل، التيار الشعبي، ومستقلين، أفراد حافظوا على اهتمامهم بالعمل السياسي والرغبة في الفعل، رغم الإحباط والعدمية وطوفان الهجرة، بعد أن أطبقت السجون والمحاصرة والتهديدات والقتل والفشل على المناخ كله، لكنها أحزاب وحركات وأفكار لم تهدد بمحاصرة الاتحادية حال عدم ترشح السيسي للرئاسة، كما وعد رئيس حزب مستقبل وطن المهندس أشرف رشاد في مؤتمر للشباب في الغردقة الإثنين الماضي. فجر الجمعة الماضية ألقى الأمن القبض على جمال عبد الحكيم من منزله في الزقازيق. يتولى جمال مسئولية مكتب الطلاب في حزب العيش والحرية، ويقول زملاؤه إن له دورا بارزا في الحركة الطلابية، كما أسهم دوره في الانتخابات الطلابية الأخيرة في تغيير نتائجها لما قام به من تنسيق وتحركات بين الجامعات، كما عمل مؤخرا بفاعلية مع زملاء في اتحادات طلابية ومجموعات شبابية لصياغة مقترح للائحة طلابية قدموها في النهاية إلى مكتب وزير التعليم العالي وهو تطور كبير في ملف الجامعات. إضافة إلى دوره الطلابي يقول زملاء جمال إنه شارك بشكل بارز في الحراك الذي رفض اتفاقية تيران وصنافير ونظم لذلك سلسلة من الفاعليات للحديث عن القضية يضيفونها لقائمة أسباب القبض عليه، بحسب رأيهم.

المحامي مختار منير يتابع المقبوض عليهم مؤخرا ويعتبر أن ما جرى مختلف هذه المرة لأنه يستهدف ناشطين في أحزاب سياسية معترف بها رسميا، وليس ما تعتبره الدولة كيانات محظورة، ويضيف أن ذلك مرتبط بالتحضير للانتخابات الرئاسية، فمعظم هؤلاء مشتبك مع كيانات تفكر في خوض السباق أو فاعل في الحركة الطلابية التي تسعى لتغيير اللائحة. ضمن ما شاهده منير اتهامات وصفها بالعبثية أوردتها تحريات الشرطة في محاضر الضبط وبعضها استبعدته النيابة بعد ذلك مثل وصف أحد المقبوض عليهم بأنه "مؤيد لأفكار البرادعي وآية حجازي" واتهام آخرين عبر صور من حساباتهم الشخصية على فيسبوك بنشر أخبار كاذبة وهي كتابات عن أصدقاء معتقلين أو تعليقات على ما يجري من أحداث سياسية. بيانات وإدانات خرجت من شخصيات وأحزاب سياسية معترضة على الهجمة التي طالت الشباب، لكنها لم تنتشر إلا في حيز مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يكشف إلى أي مدى أصبحت هذه الإجراءات فعلا عاديا يمر بقليل من الضجة ليضاف إلى القائمة الطويلة أسماء جديدة بتهم مثل: تشكيك المواطنين في أداء النظام الحاكم والإساءة إلى شخص ومنصب رئيس الجمهورية. بعد كل هذا ستكتشف لماذا كانت حسابات هؤلاء الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي ومواقعهم في أحزابهم ومجتمعهم الذي يعاني الفشل الاقتصادي والقبضة الأمنية أخطر في عيون الأمن وأكثر استدعاء للنفير والتدخل من وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي المدان في السرقة والذي كان تحت حراسة أجهزة الأمن ثم اكتشفت نفس الأجهزة فجأة أنه "هرب"؟!

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف