المساء
أحمد معوض
أهرام أخبار جمهورية
صحفي لا يقرأ. شيء عجيب! وقد يقول قائل ولم العجب فوظيفة الصحفي أن يكتب. ويترك وظيفة القراءة للقارئ! ولكن ماذا يكتب الصحفي إذا كان فارغاً؟! من أين يأتي بما يكتبه؟ وكيف يكتبه؟ كيف يعطي الشيء الذي يفتقده؟!
الأسئلة السابقة دارت في ذهني وأنا أعاني "سَدة نِفس" من غالبية ما ينشر في الصحف والمجلات وشريط الأخبار في القنوات التليفزيونية!
ما هي نوعية الأخبار التي تشدني لكي أقرأها حتي آخر سطر؟!
ـ رقم واحد الأخبار التي تتعلق بالأسعار. أي أسعار. سلع. منتجات. دولار. وقود.
ـ أي أخبار تحتوي علي كلمة زيادة. زيادة في المعاشات. زيادة في سن التقاعد. زيادة في العلاوة "أو حتي إقرارها دون زيادة!" زيادة في المخصصات التموينية. أو حتي الأخبار التي تحتوي علي كلمة زيادة ولكن بالجانب السلبي. زيادة أسعار البنزين. زيادة في شرائح الكهرباء. تعريفة الركوب. تذكرة المترو. أسعار اللحوم والأسماك وكارتونة البيض!
ـ أي أخبار تخص كرة القدم. خصوصاً كرة القدم الأوروبية. أي أخبار تتضمن عناوينها أسماء: رونالدو أو ميسي أو محمد صلاح أو محترفينا في الخارج بشكل عام.
ـ أي أخبار بها فضايح: فنانون. إعلاميون. مشاهير. واللهم لا شماتة!
ـ وبالنسبة للمجتمع الصحفي فهناك مادة خصبة تخطف العين من أول نظرة منذ أكثر من عام وهي التي تتحدث عن تغيير رؤساء مجالس إدارات الصحف القومية ورؤساء تحريرها.
ـ اضف إلي ذلك أي أخبار تتعلق بالتعليم. خصوصاً نظام الثانوية العامة. واختباراتها ونتائجها.
ـ وأخيراً.. أخبار الحوادث من منطلق: "اللي يشوف بلوة غيره تهون. عليه بلوته"!
في المقابل تراجعت أخبار عن حيز الاهتمام. في مقدمتها أخبار العالم الخارجي: سوريا والعراق وكوريا وإيران. تشعر أنها أخبار وأرقام مكررة علي مدي السنوات الأخيرة.
وداخلياً. لم تعد أخبار البرلمان تهم قطاعاً عريضاً من القراء. بعد أن تعددت الاقتراحات والمناقشات غير ذات الجدوي. لا أريد أن أقول "تافهة"!
تخيل أن أخباراً مثل اكتشاف حقل غاز جديد. أو وضع حجر الأساس لمشروع جديد. لم تعد تهم المواطن العادي. الذي مَّل من سماع مثل هذه الأخبار دون أن يشعر بأي مردود إيجابي عليه!
أما ما يحزنني حقاً. أن يعتاد القارئ علي عناوين أخبار تتحدث عن استشهاد وإصابة جنودنا من أبطال الجيش والشرطة. أذكر أنه علي مدار 30 عاماً من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك كان خبر قنص أحد جنودنا علي الحدود مع العدو الإسرائيلي يمثل فاجعة. علي الرغم من أنها لم تتكرر أكثر من 3 أو 4 مرات طوال 3 عقود. كما أستطيع أن أتذكر بسهولة حالة الحزن والحداد التي سادت الوطن في جميع أرجائه بعد حادث مذبحتي رفح الأولي والثانية التي قتل فيها خيرة شبابنا غدراً وهم يتناولون إفطارهم في رمضان. ومرة أخري وهم علي طريق عودتهم من سيناء إلي محافظاتهم قبل 5 سنوات.
مهمة صناعة الأخبار شاقة. والبحث عن الأهمية والإثارة مُتِعب. وإرضاء جميع الأذواق مستحيل.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف