المشهد الأول: حملت الأم فلذة كبدها باحثة عن مكان ليسعفه بعد الآلام التي آلمت به في ساقه يوما كاملا دون أن تعلم أن أبنها الذي يبلغ من العمر الثلاثين عاما قد اصابته جلطة في ساقه وعندما وجدت أخيرا المستشفي وغرفة الرعاية المركزة قال لها الطبيب يا خبر (جبتيه بعد ما استوي) غادر الأبن الحياة كما يغادر النهار يومه واستسلمت روحه للمساء الطويل وأنطفأت شمعته.
المشهد الثاني : يدخل مريض بالجلطة احدي المستشفيات المتخصصة الحكومية وبعد ان اسعفوه يصر الطبيب علي خروجه مباشرة بحجة ان حالته تحسنت تتحايل عليه اسرته ان يتركوه بالمستشفي حتي الصباح وبمجرد أن يخرج من المستشفي يتوفاه الله وهم مازالوا بالطريق.
المشهد الثالث :عندما تنفجر اسطوانة بوتجاز في وجه مراهق صغير لم يتعدي عمره16 عاما وتحاول ان تنقذه الأم فتصاب هي الأخري بحروق متفرقة وهي مريضة بالقلب والسكر . يجوبون القاهرة من شرقها لغربها يدخلون من مستشفي ويخرجون من الأخري باحثين عن رعاية مركزة دون جدوي الي ان وصلتني مكالمة من زميلي الأستاذ محمد عبد الباري مدير تحرير الأهرام المسائي كي اساعدهم في محاولة لأيجاد غرفتين رعاية مركزة لهما بأي مستشفي واستمرت عملية البحث حتي اني اعطيت تفاصيل الحالة لأحدي الموظفات بالقسم الأعلامي لوزارة الصحة التي اكدت لي انها ستتابع الموقف اولا بأول أتصلت بصاحب الأزمة أسأله هل تم الأتصال بك قال نعم واعطيتهم التفاصيل وطلبت مني المسئولة بوزارة الصحة ان انتظر لحين الاتصال وايجاد مكان استمر هذا الوضع هكذا لوقت متأخر مما دفعني بضرورة التحرك بنفسي والتصرف لمساعدة هذه الأسرة المكلومة وبدأت رحلة البحث عبر التليفون ومن خلال الاطباء الذين اتعاون معهم تحدثت مع احد الأطباء المعالجين لهما بمستشفي الدمرداش في امكانية أتاحة غرفة لهما بالرعاية فوجدته يقسم لي انه لايوجد غرفة رعاية خاوية والحالتين لابد ان يدخلا فورا رعاية مركزة كما قال لي ذلك فقمت بالأتصال بمستشفيات القاهرة من امبابة للمنيرة لأم المصريين نظرا لأنهم بهم اقسام للحروق تحدثت مع د عبد الرحمن المهدي بأم المصريين وكان محترما وكريما معي ومقدرا للظرف الأنساني وحاول مساعدتي عندما شرحت له الوضع فأوصلني بالدكتور احمد حسانيين بأمبابة العام الذي تعاون معي هو الآخر ولم يتأخربالمساعدة وأوصلني بالنهاية بالدكتور سعد الكيال الذي وفر لهما أخيرا غرفة مزدوجة بالمنيرة ولهم الشكر جميعا احد الأطباء قال لي ان المجهود المبذول من اجل توفير الرعايات المركزه كبير لكننا امام مشكلة تفاقم الحالات الكارثية وازدياد عدد المرضي والجميع يبذل قصاري جهده لكن مؤكد نحن نطالب بالمزيد من الرعايات المركزة لأنها غير كافية تلك هي جزء من مشاهد الصحة المؤلمة التي يتعرض لها المصريين.
هذا هو حال الصحة بكل اسف ذلك الحق الذي تكفله الدول لشعوبها ، واليوم فأصبح بالكاد يحصل الفقراء والبسطاء علي حقوقهم الصحية ربما يمكننا ان نمسك علي بطوننا ونشد الحزام تماشيا لمقتضيات الظروف العامة لكن المريض الذي يبحث ويجوب الآماكن بحثا عن غرفة للرعاية المركزة او لحضانة لرضيع او لدخول مستشفي دون ان يجد ضالته لإنقاذ من معه فماذا نقول عنهم؟!! والي متي يستمر هذا الوضع الصحي المتردي القائم علي الوساطة متي ينعدل الحال يا وطن ؟؟!