الأهرام
أحمد سعيد طنطاوى
دم مجانى عبر تطبيق موبايل
عندى مقترح لمتخذ القرار فى مصر خاصة فى القطاع الصحى.. قد (وأكرر قد) يقضى تمامًا ونهائيًا على حاجة المواطنين والدولة إلى استيراد أكياس دم للمرضى والمصابين.. ويوقف أيضًا مافيا تجارة الدم.. ويجعل مصر من الدول المصدرة لأكياس الدم ومشتقاته بدلا من استيراده بكميات كبيرة.
فمصر شأنها شأن الدولة النامية فى نسبة التبرع حيث تصل النسبة إلى سدس التبرع في الدول المتقدمة، وقد كانت أرقام التبرع في عام 2006 نحو 100 ألف متبرع ثم زادت حتى وصلت إلي أقصاها في عام 2008 نحو 130 ألف متبرع ثم انخفضت في عام 2009 إلى نحو 60 ألف متبرع بسبب فضيحة أكياس الدم الملوثة فى وقتها.

والمعني أن المواطن لا يثق فى الدولة.. والدراسات والأبحاث تشير إلى ذلك.. خذ عندك هذه المعلومة متوسط عدد أكياس الدم التي يتم تجميعها فى حملات التبرع بالقاهرة الكبرى يصل إلى 200 كيس يوميًا.. معلومة صادمة، أليس كذلك؟!

ما معني أن القاهرة الكبري التى يصل عدد السكان فيها إلى 17 مليون نسمة، تجمع فقط 200 كيس يوميًا.. وإذا شكننا فى هذا الرقم وضاعفناه إلى 400 هل سيكون متناسبًا مع عدد السكان حتي لو استبعدنا منهم الأطفال والعجائز وأصحاب الأمراض.

لذلك ليس مستغربا عندما أستقل القطار إلى قاهرة المعز وبمجرد خروجي من محطة رمسيس أجد أمامى سيارة إسعاف تتسول التبرع بالدم من المواطنين.. ونادراً ما أجد فى السيارة أحدًا يتبرع بدمه.

لماذا؟!!.. الدراسات والأبحاث تشير إلى شيئين.. أولاً: خوف المواطن من انتقال العدوي إليه من الحقن وأكياس الدم المستخدمة.. والثاني: اعتقاد خاطئ بأن التبرع بالدم قد يؤدي إلى الأنيميا أو إصابة المتبرع ببعض الأمراض.

وأرى أن الدراسات أغفلت جانبًا مُهمًا جدًا لم تذكره عن ابتعاد الناس عن التبرع بالدم.. ألا وهو أن المتبرع بالدم عندما يتبرع، لن يجد كيس الدم هذا إذا - لا قدر الله - حدثت له حادثة فاضطر إلى نقل دم.. سواء كان هو فى الحادثة أو قريب له.

فعندما تحل بالمواطن حادثة (عافانا الله وإياكم) تجبره المستشفي الحكومي أو الخاص على شراء كيس الدم بمبلغ كبير.. وأحياناً فى المستشفي الحكومي تُجبره على جلب 3 أو 4 أشخاص للتبرع أولًا ثم إعطاءه كيس دم.

والمعني أنه على المواطن التبرع لكي يعيش مصابه، فإذا تبرع مشكورًا فى الأولى فلماذا إذن يتبرع مُجبراً فى الثانية، ولذلك فهو ينتظر الحادثة حتي يتبرع مرة واحدة ولا تتاجر الدولة بدمه.. ولن يتبرع من تلقاء نفسه ومحض إرادته.. وإذا كانت الدولة ذكية فالمواطن أكثر فهلوة.

ولكن أين فكرتي؟!.. فكرتي هي استخدام التكنولوجيا!! وعدم اختراع العجلة من جديد.. واستخدام لفظ "بنك" فى العنوان العريض لجملة "بنك الدم"..

الفكرة تقوم على تطبيق تضعه وزارة الصحة على الأندرويد وiOS .. هذا التطبيق يرتبط ببنك معلومات لوزارة الصحة.. كالرصيد البنكي تمامًا.. كلما قام شخص بالتبرع تقوم وزارة الصحة متمثلة فى بنك الدم أو عربة الإسعاف التى يتبرع فيها المواطن بشحن رصيد وحساب هذا الشخص عبر التطبيق.. ثم وضع نقطة تبرع لهذا المواطن فى حسابه.. وكلما تبرع أكثر كلما زاد حسابه.. وإذا (لا قدر الله) حدثت له أو لقريب أية حادثة.. يُسحب كيس دم من حسابه الشخصي أو من حساب المصاب عبر هذا التطبيق مباشرة.. بعيدا عن نظامي المبادلة أو الشراء التى كانت الحكومة تجبر المواطن عليهما من قبل.

هذا التطبيق سيجعل من المواطنين شركاء للدولة فى إنجاح عملية التبرع.. سيعرف المواطن أن دمه لن يباع بـ 400 جنيهاً للكيس الواحد على حسب تسعيرة وزارة الصحة، أو أحيانا ألف أو ألفين فى المستشفيات الخاصة.. المواطن طالما سيضمن أن دمه الذى تبرع به سيتاح له فور طلبه، سيشجعه ذلك على التبرع بصورة دورية.. لأن هناك ثقة.. ولو افترضنا أنه قد يتبرع بعشرة أكياس فقط طوال حياته.. فلربما هذه التبرعات تجعل مصر تصل إلى درجة الاكتفاء وقد تصل أيضا إلى مرحلة تصدير الدم ومشتقاته.

لا أدعي الحكمة.. وما طرحته مجرد مقترح وفكرة قابلة للنقاش والتعديل والتطوير.. هذا هو حال الصحافة تلقى بالحجر وتقذف بالفكرة وتنير الطريق ولا تعرف هل تدخل الحكومة إلى هذا الطريق أم لا؟!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف