شكرى القاضى
ليـــــس دفــــــاعاً عن قــــــائد عظيـــــم
أنا لا أميل إلي أصحاب تلك التصريحات المتشنجة علي مواقع التواصل الاجتماعي تعليقاً علي تصريحات غير مسئولة لأكاديمي وكاتب تخصص في الفلسفة الإسلامية.. اكتشف فجأة أن القائد العربي الناصر صلاح الدين الأيوبي "أكذوبة".. ليس فقط.. بل اتهمه بالخيانة وعدم الولاء.. وتكمن خطورة مثل هذه التصريحات في أنها تناقض الثوابت التاريخية وتشكك في التاريخ الإسلامي وتطعن في رموز الإسلام وقادته العظام.
وأزعم أن الدكتور يوسف زيدان عندما اندفع بمثل هذه التصريحات التليفزيونية كان تحت تأثير الصدمة.. فقد كان الرجل يهيئ نفسه لتولي أحد المناصب الرفيعة قبل استبعاده لاتهام البعض له بأنه استولي علي مادة أشهر رواياته من كاتب آخر.. وحصل بموجبها علي الجائزة العالمية للرواية العربية عام ..2009 لذا استبدل بمفكر آخر أكثر مصداقية وأعمق تأثيراً.. وعلينا أن نلتمس الأعذار للآخر.. فربما وقع الدكتور زيدان في فخ الفضائيات. خاصة وقد وجد نفسه وجهاً لوجه مع الشهرة مجددا في برنامج ذائع الصيت يتميز بموضوعات مثيرة للجدل تجذب المشاهد وتثير انتباهه.. وبعيداً عن أسباب الدكتور يوسف زيدان ودوافعه وهل هي ممنهجة أم أنها عفوية ومحاولة لإثبات الذات.. أجدني أتوقف طويلاً أمام واقعتين تاريخيين تناولهما الدكتور زيدان أولهما تتهم صلاح الدين بأنه كان مزدوج الولاء بدعوي أنه كان من قواد السلطان السني نور الدين محمود ومن وزراء الحاكم الفاطمي الشيعي العاضد لدين الله في نفس الوقت.. والثانية أن فتح صلاح الدين لبيت المقدس لم يكن نصراً.. لكنه -أي الفتح- تم بموجب الصلح مع الملك ريتشارد الأول "قلب الأسد" ملك الفرنجة.
¼¼ وواقع الحال طبقاً للثوابت التاريخية أن السلطان العادل نور الدين محمود أمير دمشق لم يكن يفكر في إرسال حملته إلي مصر إلا عندما استشعر بأطماع ملك بيت المقدس في غزو مصر وضمها إلي مملكته.. ولذا فقد كلف أسد الدين شيركوه بقيادة حملة عسكرية إلي مصر لتأمينها.. ولم يكن صلاح الدين سوي جندي في جيش عمه أسد الدين.. ولذا استقبلهم السلطان العاضد وأكرم وفادتهم وقربهم من دوائر الحكم.. حيث عين أسد الدين شيركوه وزيراً.. وبعد وفاته بعد شهرين فقط عين ابن أخيه صلاح الدين في نفس المنصب.. ولم يستمر ذلك الوضع كثيراً..
¼¼ آخر الكلام:
ارتبط اسم الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب "1138- 1193م" أكثر ما ارتبط بتحرير بيت المقدس من الصليبيين خلال فترة حكمه لمصر منذ إعلان الدولة الأيوبية علي أنقاض الدولة الفاطمية عام 1171م وبامتداد 22 عاماً قبل أن يصاب بالحمي الصفراوية ويسدل الستار علي حياته في العام التالي لصلح الرملة.
وما بين مولده في قلعة تكريت بالعراق ورحيله في دمشق ودفنه بالجامع الأموي في سوريا.. عاش الناصر صلاح الدين الأيوبي "55 عاما".. وفي فترة حكمه لمصر تغيرت موازين القوي في العالم بشهادة مؤرخي الغرب ومستشرقيه.. ولا يتسع المجال هنا للخوض في إنجازاته التاريخية المتمثلة في القضاء علي الخطر الشيعي في المحروسة.. والقضاء علي المشروع الصليبي في الوطن العربي بعد انتصاره في موقعة حطين.. وما أدراك ما حطين.. معركة تاريخية غيرت وجه التاريخ.. ومعجزة عسكرية أبهرت العالم بأسره قبل أكثر من ثمانية قرون.. وللحديث بقية.