من يقرأ سلسلة كتاب "الجمهورية" ولا يقرأ المقدمات التي يكتبها الاستاذ سيد حسين فقد فاته الكثير من المعرفة. ذلك أن هذه المقدمات تلقي ضوءاً كاشفا لموضوع الكتاب مع اختلاف الموضوعات التي تتناولها تلك الكتب ولا نملك إلا أن نعجب ونسرّ بما كتب.. نعجب بشمولية ثقافة الاستاذ سيد حسين وتنويعات قراءاته في مجالات شتي مع حرصه الدائم بتوثيق ما يكتب بعدة كتب ومراجع التهمها وسبرغورها وتعمق في موضوعاتها.. ونسرّ لأن الله أتاح لنا أن نقرأ تلك المقدمات التي تزيد من قيمة الكتاب وتقدم لموضوعه بما يشجع القارئ لقراءة تلك الكتب.. نذكر علي سبيل المثال مقدمات كتب العلاقات المصرية الأمريكية. التغيرات في الشخصية المصرية. العلاقات المصرية الصينية..الخ.
تغزل مقدمات تلك الكتب تجد سيلا من المعلومات المفيدة والدقيقة حول موضوع الكتاب استقاها كاتبها من بين دفتي كتب متعددة وأخيراً صدر كتاب Think Tanks داخل البيت الأبيض للاستاذ عاطف الغمري يتحدث فيه عن الدور الخفي لوكالة المخابرات الأمريكية في سياسة الولايات المتحدة الخارجية.
ولأهمية المقدمة والكتاب - وبحكم المساحة المتاحة لنا - سوف نقصر هذا الجزء من المقال عن الحديث عما كتبه الاستاذ سيد حسين في صدر هذا الكتاب تحت عنوان قبل المقدمة وسوف نتناول في الجزء الثاني ما حواه هذا الكتاب الرائع والمهم في فصوله العشرة. وما به من أسرار كاشفة لنظام إدارة العالم في الفكر السياسي الأمريكي.
كشف رئيس تحرير الكتاب الاستاذ سيد حسين للقارئ كيف أن الغرب ممثلا في الولايات المتحدة الأمريكية حرص علي إخضاع الشرق بإحداث خلافات مذهبية حفرت فجوات عميقة بين المسلمين وقطعتهم في الأرض أمما متدابرة وهم في أمرهم وطبيعة دينهم أمة واحدة مستشهدا بما أورده العلامة الشيخ محمد الغزالي في كتاب "مع الله" وقد دعي فيه الشيخ إلي فرض التقريب بين المذاهب الإسلامية ودراسة التاريخ الإسلامي وتنقيته من الشوائب التي تعكر صفوه. يشرح كيف عمل الغرب لفرض سيطرته علينا ونشر ثقافة الضعف والخنوع مستعينا بمراكز بحث متعددة بها اساتذة في علم الاجتماع لدراسة الشخصية الشرقية والإسلامية والعربية خططوا لاضعاف هوية العالم الإسلامي وغزو ثقافته وفرض الثقافة الغربية وقيمتها وعقيدتها بوسائل شتي مدعمة بالتكنولوجيا المتطورة حتي تنحني ظهورنا وتخضع لافكارهم وهو ما حدث مشيراً إلي قول مارتن لوثر "لن يستطيع أحد أن يمتطي ظهرك إلا إذا انجنيت له.. فقاموا بنشر التفاوت الطبقي الملحوظ تحت إمرة حكام مستبدين يعطون ما حولهم بعض الثروة ليتضمنوا ولاءهم وهو ما نصح به الغرب شاة إيراهن بعد ثورة مصدق.
تحدث في المقدمة عن البحث الذي قدمته مؤسسة راند للرئيس بوش الأب وقد اختتمه بعبارة خطيرة تقول: إن غزو العراق هدف تكتيكي وضرب السعودية هدف استراتيجي أما الجائزة الكبري فهي مصر لذلك عمل الغرب علي بث مفهوم أنه صاحب الصوت الاعلي والتقدم القوي الوحيد القادر علي كل شيء.