جريدة روزاليوسف
محمد يوسف
نكسة التعليم فى مصر
«علينا أن نعلم أن ترتيبنا فى التصنيف العالمى متأخر جدًا.. لدرجة أننا خرجنا خالص من التصنيف».. بهذه الكلمات الصادمة افتتح الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم، فعاليات مؤتمر التعليم فى مصر الذى نظمته جامعة القاهرة ومؤسسة أخبار اليوم منذ أيام تحت عنوان «رؤية لمستقبل التعليم فى مصر». وبطبيعة الحال استدرك الوزير حالة الذهول والصدمة التى أصابت الحاضرين بقوله : «نتفق أو نختلف مع تلك التصنيفات لكن فى النهاية المنتج المعرفى الذى نخرجه، أعتقد أنه لا يرضى طموحاتنا ولا أحلامنا لأن حلم مصر الأكبر هو وضع نظام جديد ومبتكر للتعليم فى مصر». ومع كامل تقديرنا للصراحة «المفرطة» التى تحلى بها وزير التعليم.. إلا أنها فى واقع الحال تضع أيدينا على أخطر العقبات التى تواجه المجتمع المصرى ككل والتى تتمثل فى تدهور العملية التعليمية برمتها.. فمنذ نعومة أظافر التلاميذ نعودهم على طريقة «الببغاء» فى الحفظ وترديد المناهج دون أن نزرع فى إدراكهم فهماً أو وعياً يليق أو يحترم عقولهم.. ولك أن تتصور فرحة «التلامذة» فى نهاية كل عام وهم يمزقون كتبهم التى طالما كانت عبئا عليهم.. ثم تأتى عطلة نهاية العام لتمسح كل ما تلقوه من جرعات تلقين بأستيكة. ورغم تعاقب الأسماء على وزارة التعليم، ربما أكثر من أى وزارة أخرى، إلا أن السمة الطاغية على المنظومة التعليمية فى مصر تتركز بالأساس فى الارتباك والارتجال والانقطاع بصورة تجعل مسألة التطوير فى غاية الصعوبة لسبب بسيط يتمثل فى عدم وجود استراتيجية محددة المعالم تحكم خط سير التعليم والاعتماد على وضع حلول وقتية دون مراعاة التواصل والتكامل الذى هو أساس أى صرح تعليمى. ويكفى أن نتذكر الجدل البيزنطى الخطير الذى قضينا فيه سنوات حول مصير المرحلة الابتدائية.. فمرة نخفضها إلى 5 سنوات وتارة أخرى نعيدها سيرتها الأولى 6 سنوات وكأننا أمام «حسبة برمة».. وذات الجدل يعود هذه الأيام حول المرحلة الثانوية العامة هل نجعل المجموع على السنة النهائية أم نربطه على المرحلة كاملة ذات الثلاث سنوات. وبين هذا التخبط وذاك الارتباك ننخرط فى أمور هى أبعد ما تكون عن صالح العملية التعليمية والتلاميذ والمعلمين وننسى أو نتناسى الدور الأساسى الذى يلعبه التعليم فى الدول المتقدمة الذى هو بمثابة حجر الأساس فى تقدمها وازدهار أى مجتمع. وتتلخص بعض مشاكل التعليم فى مصر فى اعتماده بشكل أساسى على التلقين أى الحفظ دون فهم وعدم اعتماد طرق التدريس الحديثة إلى جانب نقص تفعيل الوسائل التعليمية المساعدة أو الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة مثل الحاسوب و الإنترنت هذا بطبيعة الحال بخلاف الأوضاع الصعبة المحيطة بالمعلمين الذين لا يحصلون على أجر كاف مما يدفعهم للاعتماد على الدروس الخصوصية على حساب الاهتمام الكافى بالعمل فى المدرسة وبالتالى يتم حرمان غير القادرين من الحصول على تعليم جيد. وقد طالب الرئيس عبد الفتاح السيسى بضرورة تحسين وتطوير العملية التعليمية وإبرام عدة اتفاقات مع الدول المتقدمة مثل اليابان وغيرها للاستفادة من أنظمة التعليم والمناهج المتطورة حتى نصل إلى مستوى أفضل. كلمة أخيرة «بالعلم والمال يبنى الناس ملكهم.. لم يبن ملك على جهل وإقلال».. علينا أن نعى هذا البيت الشعرى الذى ألفه أمير الشعراء احمد شوقى إن أردنا العودة لجودة التعليم.. وربنا يستر.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف