ركز الإعلام أمس علي الجزء الثاني من حوار الرئيس مع رؤساء تحرير الصحف القومية وشدد فيه علي أن المصريين ليس أمامهم إلا العمل والصبر والتضحية والايثار لكي نعبر عنق الزجاجة التي مازلنا محشورين فيها حتي الآن.
ولا جدال في أن المصريين يتمتعون بقدر كبير من الذكاء في التزويغ من العمل. فمن يعمل يفكر جيدا بمجرد وصوله إلي العمل كيف يقضي الوقت دون تعب حتي يأتي موعد الانصراف. وهو كثيرا ما يختلق الحجج ليعفي نفسه من التكليف. وقد أصبحت الهواتف الحديثة وما عليها من ألعاب الكترونية وفيس بوك وواتس آب الوسيلة المثلي لتمضية الوقت. وأما من يعاني البطالة فلا يريد إلا المكسب السريع والربح الوفير دون تعب أيضا.
هؤلاء المصريون لا يدركون أن الأمم لا تتقدم بالفعل إلا بالعمل والجهد المخلص ومراعاة الضمير. وكل النماذج الإنسانية التي يمكن ان نسترشد بها في هذا المقام لم تقم لها قائمة إلا بالعمل فعلا. انظر إلي كوريا الشمالية وإلي اليابان والصين والهند وروسيا وغيرها من الدول. كان العمل هو العنصر الأساسي في تقدمها. ونفسي أضرب مثلا ببلد عربي واحد فلا يوجد.
كيف إذن نطلب صلاح الحال وتحسين المعيشة وزيادة الدخل ونحن لم نلجأ إلي الوسيلة الوحيدة القادرة علي تحقيق ذلك وهي العمل. ولهذا كان الرئيس عنده حق في أن يستنهض الهمم من جديد كاشفا عن أن العمل وحده هو العصا السحرية لتحقيق كل ما نتمناه في حياتنا من رغد العيش.
أما الصبر فقد تجرعنا مرارته كثيرا. وأما التضحية فقد بذلنا فيها كثيرا أيضا. وأما الإيثار فهو ما لا يعرفه المصري ولا يبادر به أبدا ولا يضعه في قاموسه. وهات لي نموذجا واحدا أثر الغير علي نفسه. بالرغم من أننا نردد كثيرا ان المصري هو الشخص الوحيد في العالم الذي تجده وقت الشدة يساعدك دون أن يعرفك. ويبذل جهده لانقاذك لو كنت في ورطة. هذا الكلام كان زمان.
نحن الآن في زمن "يالا نفسي" وكثيرا ما تراجعت القيم الأخلاقية بيننا حتي أصبح الجار لا يهتم بأمر جاره في الشقة التي أمامه حتي وان رآه في مصيبة عيانا بيانا. جميعا نغلق أبوابنا علي أنفسنا خشية الغير. ولم يعد لدي أحد منا طاقة أو حماس لأن يفكر في حال جاره. وجميعنا أصبحنا مهمومين بأنفسنا فحسب.
وكان بودي أن يري الرئيس حقيقتنا. لكنه لا يري فينا دائما إلا أفضل صورة وأكرم خلق بينما نحن في الحقيقة نحتاج إلي من يوقظ ضمائرنا الميتة ونفوسنا الخربة وأحلامنا البائسة. حتي نقبل علي العمل ونصبر علي الجهد ونضحي من أجل رفعة وطننا ثم نعتمد الإيثار كمنطق للحياة فيما بيننا.
يارب يا سيادة الرئيس يسمع من بقك ربنا.