أحمد عمر
الفاسدون لا يصنعون أنفسهم
الفساد عندنا أشهر من نار علي علم.. فعل فاضح في الطريق العام يحرق دمنا ويشوي جيوبنا لكنه لا يلفت نظر المعنيين من أصحاب الضبطية القضائية.. تغول في السنوات العشر السابقة علي ثورة 25 يناير حتي صار جزءا من النظام إن لم يكن النظام نفسه وبلغ حد التنكيل وتلفيق اتهامات الفساد للشرفاء ومعاقبة الملتزمين بالاصول والقوانين.. صار الفساد في حياتنا هو القانون ينغص علينا معاشنا يخنقنا ويعصف بأحلامنا.. نراه ونلمسه ونجأر بالشكوي منه.. لكن لا يراه المسئولون ولا يسمعننا.. وإذا رأوا وسمعوا صمتوا كمن في فمه ماء.. وقفوا عاجزين أمام رتق اتسع او خائفين من مواجهة أوأسماء رنانة وشخصيات نافذة.. راجعوا مئات التحقيقات الصحفية بأقلامنا وفي صحف الآخرين كتبت عن مافيا أراضي الدولة ولا حياة لمن تنادي حتي انطق الله فلاح المراشدة أمام رئيس الجمهورية فاعلنها حربا واجبة ومستحقة تأخرها الطويل أضاع علي الدولة فرصاً للاستثمار بالمليارات وجمد جهوداً أهلية في الإصلاح والتنمية.. المعركة ليست سهلة حتي إن البعض يشككون في نتائجها لأنه إذا كانت مواقع الأراضي المغتصبة معروفة وظاهرة فإن الطابور الخامس لهذه المافيا مازال متوغلا داخل أجهزة الدولة ومراكز السلطة.. ولا وجود للفاسدين بدون هؤلاء الذين يزينون لهم الباطل ويتقاسمون معهم الغنائم فالفاسدون لا يصنعون أنفسهم إنما هم صنيعة مفسدين في مقاعد السلطةيخونون الأمانة ويغتصبون قبل الأراضي حقوق المجتمع ويضعون أيديهم في جيب كل مواطن ويسرقون لقمة العيش من صحنه ومن طعام أطفاله.
معركة استعادة ارضي الدولة من المغتصبين لا تستقيم مع الابقاء علي المسئولين الذين بحكم عملهم قد علموا بالجريمة وصمتوا وطرمخوا أو تقاسموا وتواطأوا لا فرق ولا قبول لادعاءات عدم العلم.. فالقانون العادل يضع الاهمال الجسيم في مرتبة الفعل العمد.
الحرب الرئاسية علي الفساد هي الجهاد الأكبر.. هي تطهير الجهاز التنفيذي والإداري والمؤسسات..فأذرع الدولة لن تقوي علي البناء والتنمية إلا اذا تحررت من نير الفسدة والمنتفعين والخبثاء أدعياء الصلاح الذين يضعون القيود والعقبات أمام كل شريف ليفتحوا مسارات بديلة وابوابا خلفية يتربحون منها.
نساند هذه الحرب لاننا تمنيناها طويلا ونأمل لها النجاح وأن ينبثق منها معارك تطال أوكار الفساد في الوحدات المحلية وكل المصالح والوزارات.. فالحقيقة ان ضحايا الفساد اضعاف شهداء معارك التحرير.. عشرات الآلاف يلقون حتفهم علي الطرقات نتيجة فساد في تنفيذ الطرق والمواصلات وادارتها والرقابة عليها.. ويضيع العمر في شوارع مكدسة بسيارات لا تجد ملجأ نتيجة فساد طرمخ علي تنفيذ قانون الجراجات.
.. يشكو رجل أعمال أنه يجد صعوبة في توسيع مشروعاته بسبب الفساد.. يقول انه ذهب للوزير فسمع منه كلاما جميلا وأصدر تعليماته بتجاوز العقبات وأنه بعدما غادر مكتب الوزير ووصل الي المسئول الرابع في الوزارة وجد نفسه أمام مساومة صريحة ومكشوفة.
.. حينما يصبح الفساد هماً وطنيا ندفع ثمنه جميعا من حياتنا ودمائنا ومستقبل أبنائنا.. تصير المواجهة فرض عين.. فلنعلنها حربا مفتوحة علي الفساد.. كل في مجاله.