محمد الحداد
من دبي .. رمضان القاهرة الذي خطف قلبي
صديقي الكاتب الصحفي عبد الله حسين السوادي مسؤول الاعلام الجامعي بكلية الامام مالك بدبي.. كتب مقالا في حب رمضان بالقاهرة ولا أملك إلا أن أنشره بالنص .. رمضان واحد قضيت معظم أيامه قبل سنتين في القاهرة ما زال يسكن في وجداني حتي اليوم. رمضان القاهرة لا يشبه بقية أيامها رغم جمالها الدائم، ولا يشبه بقية رمضانات المدن الأخري. فاجأتني القاهرة برمضانها الروحاني كثيراً، ابتداءً من قبيل المغرب بنصف ساعة تقريباً حتي مطلع الفجر. قبيل المغرب يستوقفك الكثير من الشباب في أغلب الشوارع عنوة، وبالكاد تستطيع الإفلات منهم! وإذا استطعت ذلك فقد لا تسلم من رشقهم لك ببعض الأكياس »النايلون» المملوءة بالتمر وبعض المكسرات، وبعض علب العصائر والمياه... أما إذا استسلمت لهم فهم اقتادوك نحو موائد تري نهاية بعضها، وقد لا تري نهاية بعضها الآخر. تلاحظ خلال ذلك وفوداً من المصريين وهم يأتون في مركبات النقل الصغيرة والمتوسطة، تحمل أصنافاً من الطعام، وتري أيضاً الكثير من الأفراد، وهم ينزلون من شققهم السكنية ومع كل واحد منهم ما استطاع تقديمه من الطعام... ولا تدري أحياناً من هو الشخص الذي يقدم كل هذه الكميات من الطعام، فربما لم يعلن عن اسمه، رغبة في احتساب الأجر عند الله، وأحياناً تجده أحد رجال الأعمال، ومما أدهشني أيضاً هو امتلاء المساجد في صلاتي العشاء والتراويح تحديداً بجموع المصلين الذين تمتد صفوفهم من المساجد إلي نهاية الحي المجاور، مما يؤدي أحياناً إلي قطع الطرقات حتي نهاية الصلاة. ومما تلاحظه أيضاً ويدخل السرور إلي قلبك هو أن أغلبية رواد المساجد من جيل الشباب الذين تراهم في الاماكن العامة، وهم يرتدون ثياباً عصرية وقد يظن البعض - إثماً - أن الصلاة لا تعنيهم، لكنك تراهم يتزاحمون علي أبواب المساجد في مشهد مهيب. بعد صلاة التراويح يبدأ ليل القاهرة الرمضاني الذي ينتهي بصلاة القيام في العشر الأواخر، وبصلاة الفجر في بقية الأيام، لتغفو بعده المدينة رويداً رويداً، حتي يخيل إليك في ساعات النهار الأولي أنها تكاد تكون خالية من السكان. بينما تزدحم المدينة بالناس ليلاً حد الاكتظاظ، فبالكاد تستطيع الوصول إلي وجهتك من شدة ازدحام الشوارع بالمارة، ما يجعلك تظن أن جميع السكان خرجوا من منازلهم واتجهوا للأسواق والمقاهي الشعبية في جميع أحياء القاهرة، في انتشار بهيج تزيد من وتيرة اشتعال الرغبة فيه كل المصابيح المضاءة في رمضان والفوانيس الرمضانية تحديداً، وأصوات الموشحات الدينية التي تمتزج مع اصوات الباعة الجوالين في جميع الأحياء المنتشية ببهجة لا توصف، ومع كل هذا يظل لحي الحسين في رمضان نكهة أخري لا تقاوم، فهو يختزل كل هذا الجمال المتناثر في مساحة واحدة. واخيراً لا يسعك وأنت تري كل هذا، إلا الدعاء لمصر الغالية علي قلوبنا.