الجمهورية
مؤمن ماجد
عذراً صلاح الدين
عذرا صلاح الدين.. الكل يتسلق علي أكتافك ليصنع بطولات زائفة.. معارضوك يقولون إنك كنت أحط قائد في التاريخ.. ومؤيدوك يؤكدون أنك كنت الأعظم في التاريخ.. وأظن أنك تسأل نفسك لماذا بعد مئات السنين تنبشون قبري وتفتشون في رفاتي؟.. هل انتهت كل مشاكلكم ولم تعد لديكم قضية أهم من فتح أدراج التاريخ والبحث عن الموقعين علي شهادة وفاتي؟
عذراً لكل أنصار مقولة "الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية".. فقد اختفي الود ولم تعد هناك قضية وأصبح لدينا اقتال علي الرأي.. إذا خالفتني فأنت جاهل وغبي وخائن وعميل.. وقائمة طويلة من الشتائم.
عذراً لكل من كان يظن أن التعددية هي طريق الديمقراطية وأن الحريات هي ضمانة التنمية.. فقد أصبحنا جميعاً نرفض من يخالف رأينا ونعلق له المشانق وبات الجدل هو السلعة الأكثر رواجا.. والملاسنة هي العملية الأكثر تداولاً.
عذراً لكل أصحاب الرسالات السماوية.. الكل يزعم أنه الأقرب إلي الله وأنه وحده يملك مفاتيح الجنة.. هل المسيحيون كفرة؟ هل المسلمون كفرة؟ أسئلة قاتلة تطعن قلب وطن يئن من الجراح وليس محتاجاً لمن يقطع آخر شرايين الحياة.
عذراً لمن أصبحوا الآن "ملطشة" لكل مدعي الوطنية وحماة الديمقراطية.. وجريمتهم أنهم ربما يفكرون في الترشح لانتخابات الرئاسة القادمة.. لقد انتهكتم كل الحرمات ودخلتم إلي المناطق المحظورة.. وكأننا شعب فاقد الأهلية لا يملك عقلاً ويجب فرض وصاية عليه من مدعي الوطنية وحماة الديمقراطية.. رغم أن رئيس الدولة طالب الإعلام بمنحهم الفرصة للتعبير عن آرائهم.
عذراً حتي لمشجعي الزمالك وأنصار الأهلي.. مؤيدو الفانلة الحمراء لا يهمهم الفوز بقدر هزيمة الآخر.. وأصحاب الفانلة البيضاء يتمنون الانتصار لأي فريق يقابل عدوهم اللدود.. نتحدث عن رياضة فيها المكسب والخسارة والروح الرياضية.. لكننا في الواقع نري يومياً حروبا بين مشجعي الفريقين تنتهك فيها كل الحرمات ونستخدم فيها كل الشتائم والاتهامات لمجرد انك تشجع الفريق الآخر.
عذراً لشعب كان يؤمن بالوسطية ولكنه يتحول سريعاً إلي نموذج للتعصب والتطرف لا يسمح لأحد أن يختلف معه في الفكر أو الرأي أو العقيدة أو حتي كرة القدم.. شعب كان مثالا للاعتدال فأصبح "يتخانق مع دبان وشه".. شعب كان الأرقي في الأخلاق والمباديء.. لكنه الآن يعلنها حرباً حتي علي صلاح الدين.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف