سكينة فؤاد
مع الأرض.. استعادة العدالة والقانون والدولة
مصر تستدين وتختنق وتضطر إلى القروض والديون ويمر عشرات الملايين من أبنائها بأزمات اقتصادية تضاعف ما يتعرضون له من ظروف صعبة، وانهار التعليم والصحة والبحث العلمى لعدم وجود موارد، أو فى الحقيقة لوجود موارد عظيمة تسرق وتنهب وتبدد على أيدى قلة مستغلة وفاسدة... ثروات هائلة حبا الله بها هذا الوطن وغياب إدارات رشيدة أمينة ومستأمنة تدير وتعظم هذه الثروات لمصلحة أصحابها الحقيقيين ـ وغابت أيضا قوانين جادة وصارمة تحميها وتطبق أقصى العقوبات على سارقيها، وتخفف آثار وتوابع ما يعيشه ابناؤها من أزمات... وتستعيد هيبة وكرامة الدولة والقانون.
كان هذا هو المحور الرئيسى لما كتبت فى الأسابيع الأخيرة ـ والأحد الماضى وثقت بالأرقام المنشورة مجموعة من المليارات المنهوبة، وأشرت إلى واحد من القوانين التى قامت بحماية هذا النهب والفساد. وكان يحمل اسم افسد وانهب وتصالح!! بالطبع بعد أن يلقى من سرق ونهب ببعض الفتات مما تفضل بنهبه..!! لم أكن أدرى أن يوم نشر المقال أو الصرخة الجديدة لاستنفاد، ثروات المصريين ـ أن هذا اليوم ـ الأحد 14/5/2017 سيكون يوما مختلفا ـ أو هكذا نرجوه فى تاريخ مصر ـ بعد أن أعلن فيه رئيس مصر الحرب على غيلان ووحوش نهب أراضى المصريين واعلان إنهاء عصر وقوانين ضع يدك على أى شىء وخاصة الأرض، وتعال أقنن لك وضعك أو سرقتك! كان هذا عرفا اكتسب قوة القانون فى ظل شرعته النظام الأسبق كل ما يحمى الفساد ومؤسساته وشبكاته والتى كانت الأعمدة الداعمة لبقائه واستمراره!!
أثق فى أن قرار الرئيس الذى اتخذه فى المراشدة بقنا بإنهاء عصر تمكين الفسدة والفساد من سرقة ثروات واستحقاقات المصريين لم يكن وليد لحظات غضب ولكن قراءة عميقة لآلام المواطن الاكثر استحقاقا للعدالة وللحماية انتظر اللحظات المناسبة لإعلانها.. وفى لحظات ذروة لتجليات هذا الألم وواحد من أبناء المراشدة ـ الحاج حمام عمر يقتنص فرصة تواصل مباشر مع الرئيس ـ فرصة اعتقد دائما أنها من المستحيلات.. لذلك انطلق المواطن الصعيدى كما انطلق من قبله شاب من أبناء أسوان وكأن أبناء جنوب مصر أصبحوا الرسل بالحقائق إلى الرئيس الذى كما انصت باهتمام وصاحب ابن أسوان إلى موضع الشكوى استمع لابن المراشدة وهو يشكو تجاوزات المسئولين فى حق أبناء قريته وحرمانهم من أنصبة من عائد ما يتم فيها من عشرات المشروعات التى لا تكتمل ولم يحقق المرجو منها خلال عشرات السنين.. وليسمح لى الرئيس بنقطة اختلاف ـ توقف المشروعات لم يكن لنقص إمكانات ـ فما أكثر ما انفق واهدر من مليارات من خزانة وجيوب المصريين ـ فى توشكى اهدرت 7 مليارات خلال ثلاث سنوات وفوسفات أبو طرطور اقترب الانفاق قبل التوقف من 4 مليارات ـ لم تكن امكانات مصر قليلة أو فقيرة كما يدعى عليها... المشكلة أن الفساد أصاب كثيرا من الرءوس الكبيرة وإلا ما كان يستطيع هذا التفشى السرطانى والتمكن والتحكم فى مسئولى وأجهزة الدولة خاصة الجهاز الإدارى والإدارة المحلية.. ومحافظين.. ووزراء.. لا شئ كان يتم تحت طاقية الاخفاء!!
> قدر ما احترمت غضبة الرئيس وقراره الا خطر فى تاريخ استرداد وطن من عصابات ناهبين وفسدة ورد استحقاقات المصريين فى ثروات وامكانات بلدهم... قدر ما تفتحت جراح... فالكارثة القومية التى صنعت بأخصب أراضينا وبحيراتنا وسواحلنا وغازنا ومصانعنا ومحاصيلنا الاستراتيجية... وضربت عمالنا وفلاحينا وما سرق ونهب من أراضى عشرات السنين الماضية أكبر وأفدح من أن يتم القضاء عليها فى المدى الزمنى الذى أثق أن الرئيس حدده ـ فيما تبقى من شهر مايو لمعرفته بما أصاب الأداء الحكومى من ترهل وتسيب وأن ايقاف البناء على الأراضى المزروعة كان من أشهر الشعارات التى لم يتوقف الوزراء والمسئولون عن إطلاقها منذ قيام الثورة وحتى حكومة المهندس شريف إسماعيل ودون فعل واجراءات حقيقية على الأرض!!
هل كان سيظل الحال على ما هو عليه إذا لم يغضب الرئيس ويأمر بتشكيل لجنة من أكبر القيادات المسئولة لوقف المهزلة القومية، واسترداد جميع ما يجب استرداده، وكل ما لم تدفع بالحق حقوق الدولة فيه.
أسئلة كثيرة على ألسنة المصريين الذين أسعدهم القرار وما يحمله من رسائل بالغة الأهمية.. هل كان لابد أن يغضب الرئيس لينتفض مسئولون كان يجب أن تكون لديهم مبادرات لمواجهة المشكلات دون انتظار لتراكمها ووصولها إلى ما وصل إليه الوزراء والمحافظون والنواب وأنظمة استثمار الأراضى، والتعامل مع المتاجرين فيها فى المحليات والجمعيات الزراعية، وهل ستصدر قوانين جادة وعقوبات مشددة تنهى للأبد الاتجار بأمن واستقرار وطن وتحويله إلى عزب وملكيات خاصة وحماية النهب العام بقوانين مثل افسد واسرق وتصالح أو ضع يدك على ما تريد أن تستولى عليه وتعال لأقنن لك وضعك غير القانوني!!
نهب ثروات الأوطان وإهدار مقوماتها وحرمان الملايين من أبنائها من مليارات وثروات كانت تستطيع استنفاد اقتصادها من الانهيار وتوفير الميزانيات الضرورية التى يحتاجها التعليم والصحة والبحث العلمى، وتوفير فرص عمل للشباب ومضاعفة برامج الحماية الاجتماعية ـ الذين يحرمون المصريين من كل هذه الاستحقاقات والحقوق المبدئية والأصيلة فى الحياة، ومن حقوق المواطنة ألا يجب أن يطبق عليها عقوبات الخيانة الوطنية.. وأن تتضاعف الجريمة والعقاب عندما يتحول بعض من كان يجب أن يكون «حاميها إلى حراميها»مع شديد الأسف!! وهل سيسارع الأمناء من نواب الشعب إلى التشريعات التى تحمى الحاضر والمستقبل من عناقيد وسلالات النهب والفساد والأمل عند كثير منهم أن ما يحدث الآن من إجراءات جادة وعاجلة «هَبَة»ُ وتنتهى ليعاودوا اتجارهم وتربحهم المحرم بأمن واستقرار وثروات شعب.
أين كان السادة المسئولون من كل ما كتب وكان هذا القلم من الأقلام التى لم تتوقف عن كشف تفاصيل الكوارث والجرائم التى تحدث للأرض وتتهدد الحاضر والمستقبل خاصة فى وزارة المفروض أنها حارسة للأرض والأمن القومى والحيوى والزراعى والصحى والفلاح وتحمل اسم وزارة الزراعة؟!! هل ستمر جرائم بيع أخصب أراضى الاصلاح الزراعى وهيئة التعمير بلا حساب؟!!
> يجب أن يكون تطبيق القانون على الكبار قبل الصغار.. وعلى المسئولين عن حماية وفرض احترام هيبة الدولة وحقوق الشعب.. وعلى من سهلوا أو شاركوا فيما ارتكب من جرائم تبديد ثروات وأراضى وزراعات وأمن قومى وحيوى وصحى وزراعى وغذائى يجب أن يُستكمل ويُحصد بهم هذا القرار السيادى الذى سيؤرخ نجاحه لوقف سرقة وطن. مهما تكن ملاحظات البعض على .................