الوفد
علاء عريبى
لماذا البطة العرجاء؟
نسيت أذكر فى مقال الأمس مبررات وصفى لآلية قانون الإجراءات الجنائية بالبطة العرجاء، فقد أوضحت استخدامى كلمتى: آلية ونظام، وذكرت أننى استخدمتهما فى سياق الحديث عن القانون، وفى هذا المقال أوضح لماذا البطة العرجاء وليس السلحفاة أو غير ذلك مما يعبر عن بطء الحركة.
قبل خمسين سنة كنا نعيش فى منزل جدى لأبى بإحدى قرى الدلتا، وكان الشارع الذى نسكن فيه باسم جدى، وكانت تتفرع منه ثلاث حارت، فى هذه القرية كنت أسمع رجالها وسيداتها يستخدمون سير البطة للتعبير عن بطء الحركة، وسير البطة المصابة بعرج فى إحدى قدميها للتدليل عن البطء الشديد جدا فى الحركة، وأعتقد أن هذا التعبير ريفى فى المقام الأول، صكه أهالينا الذين يعيشون فى القرى ويعملون بالزراعة.
ومن الحكايات الطريفة التى ارتبطت عندى بهذا الوصف، والتى تعود إلى نصف قرن من الزمان، فى أحد الأيام سمعنا صراخ وعويل يصلنا من بيت أم جابر، وكان فى إحدى الحارات الجانبية بالشارع، قلنا جابر مات، هرعت النساء إلى البيت لمعرفة حقيقة الصراخ، اتضح إن جابر، وكانت درجة ذكائه بعافية، أحب أن يقلد أمه فى تزغيط البط، حط شوية ذرة فى بنية صغيرة(طبق فخار لإطعام الطيور) ومسك دكر البط الذى تمتلكه أمه، ووضعه تحت وركه، وضعط على رقبته، واخذ يحشر الذرة فى منقاره ويدفع باصبعه داخل فمه، وكان يضغط بيده اليسرى على رقبته بقوة، فطس دكر البط فى يده، أمه طلعت من المندرة شافت الدكر فى يده فطسان رقعت بالصوت، مصمص نسوان الشارع شفايفهن، وتحسرن على الدكر، وأخذن فى تطييب خاطر أم جابر، ودعوا لها بأن يعوضها الله بدكر أفضل منه، نفوق دكر بط أو بعض الحيوانات أو انتشار الفرة فى الفراخ كان يماثل موت أحد أفراد الأسرة، وكان الرجال والنساء فى القرية يذهبون إلى صاحب الكارثة ويواسونه فى مصابه.
بعد ان عدت من النيابة، بحثت عن معنى البطة العرجاء، خوفا منى أن يكون أحد الخونة قد ألحق بها بعض معانى السب والقذف، فوجئت بأن بطة أم جابر وصلت امريكا شيكا بيكا ودخلت علم السياسة، واستخدمت منذ فترة قريبة للتعبير عن عجز رئيس أمريكا فى اتخاذ القرارات، خلال العام الأخير من ولايته أو عندما تكون الأغلبية البرلمانية من الحزب المنافس له، وبعون الله وفضله دخل دكر البط أيضا المصطلحات الاقتصادية، وذلك للإشارة إلى أن بعضهم على شك الإفلاس.
بدون شك عندما كتبت مقال نظام العدالة، واستخدمت وصف البطة العرجاء، كنت أقصد بوصفى هذا آلية قانون الإجراءات الجنائية، لأن المواطن لا يحصل من خلاله على عدالة ناجزة، والمؤكد أن هناك فرقا واضحا للعيان بين القانون وبين القضاة وبين المحاكم.
لكن ما قد يلفت الانتباه والتساؤل هنا، من المعنى بتحريك الدعوى فى المادة (184) من قانون العقوبات الخاصة باهانة وسب مؤسسات الدولة(الغرامة وليس الكفالة: من 5 الاف إلى 10 الاف جنيه)؟، هل كل وزير أو رئيس هيئة أو مؤسسة هو المعنى بتحريك دعوى إهانة وسب مؤسسته؟، هل لوزير العدل أم لمجلس القضاء أم للحكومة حق مقاضاة من يسب المحاكم؟.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف