كتبنا فى العدد الماضى عن المعهد المصرفى المصرى كيف أنه فقد البوصلة للتواصل مع الشارع، وفشل فى نشر الثقافة المالية والمصرفية، حتى بين طبقة الحاصلين على الشهادات العليا فما فوق، وهذا يتضح من حجم الأسئلة التى نتلقاها يومياً عن كيفية التعامل مع البنوك.
وقد جاءت ردود الفعل مؤيدة لما ذهبنا إليه، وإن طلب البعض تخفيف نبرة النقد، وفى الوقت الذى طلب البعض ضرورة تغيير قيادات المعهد المصرفى بقيادات شابة قادرة على قيادة المعهد خلال الفترة القادمة، إلى جانب تولى ملف التواصل مع الإعلام ونشر الثقافة المصرفية لقيادات لديها خبرة فى التعامل مع وسائل الإعلام المختلفة، ومع الجمهور، والبعد عن المجاملات. وغيرها من الرسائل التى وصلت إلينا كلها تصب فى فشل المعهد المصرفى فى إحداث نقلة فى الثقافة المالية والمصرفية حتى فى الذين يتعاملون مع البنوك.
والبنك المركزى المصرى مطالب بالتدخل لتصحيح مسار المعهد، والتوجيه بالشكل الذى يتوافق مع رؤية البنك المركزى، والذى يتجه نحو إدماج المجتمع وتحويله من مجتمع نقدى إلى مجتمع غير نقدى، ويستهدف دمج نسبة من القطاع غير الرسمى فى القطاع الرسمى، فكثير من المبادرات التى أطلقها البنك المركزى تحتاج الى ظهير يقوم بعملية التوعية للمواطنين، يتحدث مع الناس بلغتهم، يبسط لهم المفاهيم، ويعطى لهم بطريقة مبسطة أهمية كل مبادرة على حدة، فمن مبادرة التمويل العقارى، إلى المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومبادرة تمويل المشروعات الصناعية والزراعية، وفى الطريق مبادرة التمويل متناهى الصغر.
لهذا لا بد أن يتدخل طارق عامر محافظ البنك المركزى المصرى لتوجيه المعهد المصرفى نحو التثقيف المالى والمصرفى فى كافة المجالات ولا يقتصر دوره على إعطاء البرامج التدريبية للعاملين بالقطاع المصرفى، وهذا دور مهم ومطلوب ولكن يجب أن يصاحب هذا الدور عملية تثقيفية مالية ومصرفية فبدون هذه التوعية سوف نظل مئات السنين نتحدث عن الشمول المالى، وعن أهمية المجتمع غير النقدى، وعن ضرورة دخول القطاع غير الرسمى وسوف يظل الحال كما هو بدون تغيير.
ويجب أن يقاس الإنجاز بحجم ما وصلنا إليه، وليس بحجم من طبعنا من منشورات وعقدنا من مؤتمرات نخاطب بها أنفسنا، وندعو موظفى البنوك لنتحدث معهم، ولعلنا نتذكر مبادرة «علشان بكرة» التى أطلقها المعهد منذ عام 2012 فهل حركت الماء الراكد، ويخفى خيبة الأمل التى أصابتنى عندما سمعت عن عقد مؤتمر للشمول المالى بعد انتهاء الأسبوع العربى للشمول المالى.