المساء
ايمن عبد الجواد
حان الوقت لتسمعوا مصر
مع احترامي لكل الدول الكبيرة قبل الصغيرة فإن مصر أكثر بلدان العالم خبرة ودراية بالإرهاب من وحي تجربة طويلة ومريرة. لذلك فعندما تتحدث علي الجميع أن ينصتوا.
لا يوجد بيت من بيوت المحروسة إلا وذاق ويلات الإرهاب.. هناك من دفعوا الثمن بشكل مباشر وهم من فقدوا الأب والأخ والابن في حرب طويلة وممتدة نتسلح فيها بإيمان مطلق بأننا علي الحق وأن النصر آت مهما طال الوقت حتي لو كانت قلوبنا تنزف والمقابل هو فلذات أكبادنا.
وهناك من دفعوا الثمن غالياً أيضاً ولكن بطريقة غير مباشرة. ففقدوا مصدر رزقهم الأساسي وفي مقدمة هؤلاء ملايين الأسر من العاملين بقطاع السياحة الذي أصيب في مقتل بسبب جرائم الخسة والنذالة رغم أننا بلد يتمتع بأفضل وأجمل المقاصد السياحية في العالم.
أضف إلي ذلك أن مصر تعد أول دولة تضع استراتيجية متكاملة لمواجهة الإرهاب. فإلي جانب العمليات العسكرية البطولية التي يقوم بها الجيش والشرطة لتطهير سيناء وكل ربوع الوطن من الخونة والإرهابيين. فهناك الجانب السياسي والاقتصادي وإن كانت ظروفنا الحالية لا تسمح بتنفيذ تلك الجزئية وأيضاً السعي إلي تصويب الخطاب الديني والرد علي الشبهات التي يثيرها أو ينفذ منها التكفيريون.
من هنا فإن مصر لا تطرح رؤيتها من فراغ وعندما يتحدث الرئيس عبدالفتاح السيسي عن استراتيجية مصر الشاملة لمواجهة الإرهاب والتي تتكئ بصورة أساسية علي وقف التمويل للتنظيمات الإرهابية أو إمدادها بالسلاح والمقاتلين أو توفير الملاذ الآمن لهم.. فإنه يطرح ذلك من واقع خبرة وتجربة. فالتحقيقات مع الإرهابيين المضبوطين أو الوثائق التي يتم كشفها تثبت في معظم الأحيان أن تمويل تلك العمليات القذرة يأتي من الخارج.
مصر سبق أن طرحت رؤيتها في العديد من المحافل الدولية خلال السنوات الماضية وكان البعض يغلق عينيه ويصم أذنيه مدعياً أن مصر تبحث عن مخرج لأنها في قلب المعركة ضد العناصر الظلامية وأنها المستفيد الأول وربما الوحيد ـ من وجهة نظرهم ـ من أي خطط أو إجراءات للمواجهة.
الآن.. الصورة اختلفت والإرهاب أصبح يستهدف الجميع.. لا فرق بين دولة أفريقية أو أوروبية أو حتي أمريكا بذات نفسها. فهل حان الوقت ليستمع العالم إلي مصر باعتبار أنه لا سبيل إلي اجتثاث تلك الظاهرة من جذورها دون توافر رغبة دولية لمحاصرة الممولين والداعمين؟!.. فلا معني لأن تواجه هنا وغيرك يقدم هناك الدعم بالمال والسلاح والمقاتلين إذا لزم الأمر!!
كلمة "السيسي" التي ألقاها أمس "الأحد" أمام القمة العربية ـ الإسلامية ـ الأمريكية بالرياض في حضور الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" وتضمنت رؤية مصر للتعامل مع الظاهرة. يكمن تحويلها إلي خارطة طريق لمواجهة الإرهاب في العالم كله.. هذا إذا توافرت الإرادة.. وهنا مربط الفرس.
** تغريدة:
الحرب التي تقودها الدولة الآن ضد حيتان الأراضي تأخرت كثيراً لكن أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً.. مصر بحاجة إلي معارك متعددة في أكثر من اتجاه لاستئصال فساد عمره عقود يعشش في مؤسساتنا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف