المساء
محمد جبريل
أنقذوا الدين من أشباه المتدينين.. وانقذوا الثقافة من أشباه المثقفين.
لا أعرف ان كانت تسمية واضعي اليد علي أراضي الدولة هي التسمية للعشرات من الذين استباحوا لأنفسهم ملكية كل ما يتاح لهم الاستيلاء عليه. حتي لو لم يكن من حقهم. ولو كانت أنشطتهم في مجالات لا شأن لها بالزراعة. وما يتصل بها من استصلاح واستزراع مساحات جديدة من الصحراء التي لا تزال تشكل - للأسف - نسبة هائلة من المساحة الكلية للبلاد.
راجعت أسماء من وجهت إليهم تهمة الحصول علي أراض لم يدفعوا مقابلاً لها. أو ان المقابل مجرد سد خانات. أملاها استحلال الحرام وشراء الذمم والرشاوي. غالبية الأسماء - أو كلها - لمحامين وساسة وقيادات حزبية وأصحاب شركات صناعية ومحاسبين وإعلاميين إلي آخر القائمة التي ستلحظ أنك قرأت ما تتضمنه من أسماء في مناسبات أخري. طيلة العقود الأخيرة. إنها القاسم المشترك لكل الاستثمارات. حتي لو ابتعدت عن المجال الذي يعمل فيه واضع اليد علي أرض الدولة.
أذكر كتاباً أملاه رجل أعمال شهير في أعوام الانفتاح. وجه فيه نصيحته للشباب بألا يترددوا في الحصول علي الكسب. ما دامت الفرص متاحة. لم يحدد للشاب طبيعة الفرصة. ولا مدي استعداده لأدائها. إنما هي وسيلة لزيادة الدخل بصرف النظر عن العمل الأصلي. وما إذا كانت أقرب إلي طبيعة الشاب المهنية. وليست مجرد استيلاء علي ما قد يكون حقاً للآخرين.
أراضي الدولة ليست تعبيراً مجانياً. إنها الأراضي التي يمتلكها المواطنون. فلا يحصل مواطن علي مساحة منها إلا بالوسائل القانونية المشروعة. أما الذين يجدون في فوضي الفساد ما يحضهم علي تنمية ثرواتهم. فإن القانون لابد ان يتدخل لتصحيح الأمور.
أختلف مع الرأي المتسامح للمهندس إبراهيم محلب في وضع مهلة لواضعي الأيدي علي أراضي الدولة لتقنين أوضاعهم. لقد استغلوا المناصب والنفوذ. ودفعوا الرشاوي والإكراميات. واستولوا علي الأراضي بوسائل مرفوضة.
هل يعفو القانون عن السارق لاعترافه - بعد ضبطه متلبساً - إنه قد تاب. ولن يكرر فعلته؟
هذا هو معني فكرة السماح لمن استغلوا ثبات أحوال الفساد. فحصلوا علي ما ليس من حقهم. المحاسبة. وليس مطلق العقاب. هي الهدف. تعدد درجات المحاسبة. والعقاب. من يثبت حرصه علي الاستزراع والعمران. يدفع غرامة وضع اليد بتسهيلات تعيينه علي استكمال ما بدأ. أما من وجد في أموال المواطنين "نهيبة" فإن الاكتفاء بمصادرة ما استولي عليه. أشبه بعبارة"معلهش" التي يتبرع بها البعض للإفراج عن حرامي الغسيل!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف