المساء
مؤمن الهباء
كلام غير واقعي
تتكلم الحكومة كثيراً هذه الأيام عن جهود لضبط الأسعار وضبط الأسواق قبل شهر رمضان المبارك.. وياليتها تتوقف عن هذا الكلام الممل.. الذي يأتي غالباً بنتائج عكسية.. فلا هي فعلاً ضبطت الأسعار والأسواق.. ولا تركتنا لحالنا وأمرنا إلي الله.
ويبدو ان الحكومة اتفقت مع التجار علي أن تقول ما تشاء والتجار يفعلون ما يشاءون.. أما نحن فليس علينا إلا أن نستهلك الكلام والتصريحات غير الواقعية في هدوء ودون انفعال وهو ما لا نقدر عليه أحياناً.. فنضطر إلي التململ والشكوي.. ونحن نعلم أن الشكوي لغير الله مذلة.
خلال الأيام القليلة الماضية أمطرتنا الحكومة بوابل من التصريحات الجوفاء.. من عينة: 6 مبادرات لخفض الأسعار.. حملات رقابية مفاجئة علي الأسواق.. ضخ أطنان من السلع الغذائية المخفضة في منافذ الصعيد.. اجتماع مع بعض كبار التجار لبحث خفض الأسعار 25% خلال رمضان.. ثم كانت النتيجة موجة غلاء جديدة في الأسعار الجنونية بمناسبة رمضان.. ارتفعت أسعار الدواجن من 28 جنيهاً للكيلو إلي 33 جنيهاً.. وقس علي ذلك أسعار الخضراوات والفاكهة.. أما اللحوم فلا داعي لذكرها.
وليس أدهي من تصريحات الحكومة إلا تصريحات طارق عامر محافظ البنك المركزي غير الواقعية أيضاً.. فقد فاجأنا الرجل بعد اجتماع للمجموعة الوزارية الاقتصادية بأن الأزمة المالية انتهت والأسعار تشهد تراجعاً.. وليست هناك أي مشكلات في النقد الأجنبي وأن أكبر صناديق الاستثمار في العالم دخلت بأموالها إلي مصر.. وأن الواردات انخفضت في مارس الماضي مع زيادة الإنتاج المحلي ونمو الناتج القومي زاد علي العام الماضي.. وان المصانع المصرية أصبحت تنافس في منطقة الخليج.. وأن عام 2018 سيشهد طفرة.
ولأنني لا أفهم كثيراً في الاقتصاد فقد اعتبرت هذه التصريحات من باب الأماني الطيبة.. فالواقع لا يؤيدها بل ينطق بعكسها تماماً.. ومع ذلك لا بأس.. تفاءلوا بالخير تجدوه.. لكن الخبراء الذين يفهمون في الاقتصاد سارعوا في اليوم التالي مباشرة لنشر تصريحات عامر وقالوا كلاماً يناقضها.
وكان من أهم ما قاله هؤلاء الخبراء ونقلته الصحف أن تصريحات عامر لا تمت للواقع بصلة.. وأن حديثه عن زيادة الاحتياطي الأجنبي لا يتضمن مصدرها "هل هي من القروض والمنح مثلاً أم من استثماراتنا ودخلنا القومي؟".. ناهيك عن أن مواجهة التحديات الاقتصادية ليست دور البنك المركزي لاسيما انه جهاز رقابي.
وفي هذا الصدد أنقل عن د. محمد فؤاد عضو مجلس النواب عن حزب الوفد قوله ان الحديث عن تراجع الأسعار لا يمت للواقع بصلة.. ولا توجد أي مؤشرات تدل علي انخفاض الأسعار.. حيث إن معدلات التضخم خلال الأشهر الستة الأخيرة في تزايد مستمر.. خصوصاً ان نسبة التضخم خلال نوفمبر الماضي بلغت 20.2% وواصلت الارتفاع حتي سجلت في ابريل الماضي 32.9% وهو ما لا يبشر بانفراجة قريبة في الأسعار حسب قوله.
وأضاف ان الأزمة النقدية مازالت مستمرة.. وسيتوجب علينا في 2018 سداد التزامات خارجية بقيمة 14 مليار دولار.. وهو ما سيضغط علي الاحتياطي الأجنبي خلال العام المقبل.. متوقعاً عدم ظهور آثار الانفراجة الاقتصادية التي وعد بها عامر العام القادم.
وإذا كان خبير واحد قد صدمنا بهذه الحقائق فلك أن تستنتج ماذا سيقول الآخرون.. وأغلب الظن أن الرد الوحيد الذي سيقوله عامر في مواجهة هؤلاءالخبراء: "كنت بهزر".. وهو نفس الرد الذي قاله عندما سألوه: لماذا لم يعد سعر الدولار إلي 4 جنيهات بعد التعويم كما وعدت.
عفواً.. يبدو أن الرجل غاوي هزار.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف