حضرت منذ أسبوعين مؤتمراً برعاية الجامعة البريطانية والسيد/ محمد فريد خميس بعنوان "مصر في القلب الأفريقي" بحضور نخبة من المسئولين والمفكرين ورجال الأعمال المصريين وبعض سفراء الدول الافريقية في مصر والإعلاميين بالدول الافريقية وأوضحت المناقشات مدي عمق الحب المتبادل بين شعوب الدول الافريقية ومصر وتطلع الأفريقيون لزيادة دور مصر الريادي في افريقيا.
ويمكننا القول بأن افريقيا بدولها الخمسة وخمسين هي بوابة التقدم الاقتصادي لمصر والمصريين والشعوب الافريقية حيث وضح الانخفاض الواضح في مستوي البنية التحتية بمعظم الدول واحتياج الدول لرفع مستوي التعليم من خلال الاحتياج لإنشاء المدارس والجامعات وكذلك المجمعات التجارية واللوجستية والاتصالات والأعمال المصرفية والبنكية وإنشاء المصانع لإنتاج المنتجات المستخدمة في تطوير البنية الأساسية والطاقة الكهربائية والنقل والمواصلات والطرق والكباري وانه يوجد تجارب ناجحة للكثير من رجال الأعمال المصريين والمجموعات الصناعية المصرية مثل مجموعات السويدي وكاتو اروماتيك وساويرس وأكدت المناقشات اهتمام معظم رؤساء الدول الافريقية بتشجيع الاستثمار الأجنبي بسبب ضعف اقتصادات تلك الدول وقيامهم خاصة الرئيس موسيفيني رئيس أوغندا بمقابلة أي مستثمر بصورة شخصية تشجيعاً وتحفيزاً للمستثمرين.
ونري أهمية تركيز الدولة المصرية من خلال الشركات التابعة للدولة مثل شركة النصر للاستيراد والتصدير ورجال الأعمال المصريين ووزارة الخارجية والتجارة الخارجية علي تعميق التعاون مع الدول الافريقية ومواجهة محاولات الصين والهند وإسرائيل وجنوب افريقيا وبعض الدول الأوروبية لاقتحام السوق الأفريقي وكذلك الدور الخطير الذي تلعبه كل من إيران وتركيا داخل الدول الافريقية ونري أهمية تكوين هيكل مجتمعي مصري يضم الجهات التنفيذية والقطاع الخاص والاستثمار المصري تكون مهمته فتح مجالات جديدة للتعاون وتحديد الأسلوب الأمثل لتعميق القانون المصري الافريقي وعدم إهمال دور اتحاد الصناعات والغرف التجارية المصرية وأن يتم دعوة رؤساء الحكومات الافريقية والسفراء الأفارقة لحضور مؤتمرات تعقد في مصر خصيصاً كل ثلاثة شهور علي الأقل لتنفيذ خطط التعاون المصري الافريقي والمؤتمر الذي تم عقده تحت رعاية الجامعة البريطانية خير مثال لذلك.
ونري أهمية تسهيل إجراءات الحصول علي تأشيرات دخول الدول الافريقية للمصريين ودخول الأفارقة لمصر تشجيعاً للتواصل وسهولة دخول وخروج المستثمرين لدي كل الأطراف مع اتخاذ جميع الاحتياطات الأمنية. ان شعور المواطن المصري أو المواطن الافريقي بسهولة دخول الدول الأخري يشجعه علي اتخاذ قرارات بالسفر المتكرر دون عقبات.
ان من أهم مجالات التعاون هو المجال الزراعي حيث يمكن تأمين مطالب مصر من القمح والأذرة وفول الصويا والفواكه مثل الموز والأفاكاتو من السوق الافريقي وتشجيع المصريين للاستثمار في المجال الزراعي فتلك الدول التي تحتاج للاستثمار في هذه المجالات مثل تشاد ورواندي والكونغو وكينيا وأوغندا والسودان وجنوب السودان والصومال ودول غرب افريقيا.
لقد اكتشفت وجود اتحاد للغرف الافريقية للتجارة والصناعة والزراعة والمهن الحرة ويرأسه أحمد الوكيل رئيس اتحاد الغرف التجارية المصرية ومقره شارع التسعين بالقاهرة. لذلك فإنه لابد من تفعيل دور هذا الاتحاد لصالح مصر والدول الافريقية.
نري تواجد فرص كبيرة للمستثمرين المصريين المتخصصين في مجالات صناعية محددة مثل الصناعات الالكترونية والاتصالات والكابلات والعدادات والبويات ومواد البناء والأسمنت والأسمدة للاستثمار داخل تلك الدول وفتح فرص عمل للمصريين وربط هذه الدول بمصر وتعميق علاقات الشباب الافريقي بمصر من خلال العمل بتلك الشركات وهي أفضل وسيلة لتعميق الحب المتبادل بين الشعب المصري والشعوب الافريقية والاستثمار في المجال الزراعي لتأمين مطالب الشعب المصري من المنتجات الزراعية بدلاً من استيرادها من الدول الأمريكية أو الآسيوية.
إن مصر دولة عربية ولكنها في نفس الوقت دولة افريقية وأصولنا افريقية منذ قدماء المصريين ونري اهتمام السيد الرئيس السيسي بالاتحاد الافريقي وزيارته المتكررة لكثير من الدول الافريقية ومشاركته المستمرة لجميع المؤتمرات الافريقية والزيارات المتبادلة المتكررة ودور السيد المهندس ابراهيم محلب مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات الافريقية.
إن الزمن لابد أن يعود ولابد من عودة دور مصر التنموي في افريقيا مثل ما كان لمصر دور مهم في مجال التحرر الافريقي لمعظم الدول الافريقية خلال الخمسينيات وستينيات القرن الماضي بمجهودات عبدالناصر والشعب المصري.
وتتميز افريقيا بالتنوع السكاني والبشري والمناخي وعدد سكانها مليار نسمة تمثل حوالي 15% من إجمالي سكان العالم.
إن كل المؤشرات الاقتصادية تؤكد ان افريقيا في طريق التطور الاقتصادي وان المستقبل في افريقيا خاصة منذ التطور الذي حدث بدول شرق آسيا وجنوب افريقيا ولذلك فإننا كمصريين لابد علينا التركيز في هذا الاتجاه المهم حيث نلاحظ ان متوسط النمو الاقتصادي للدول الافريقية وصل لرقم متميز وهو 4.8% وان بعض الدول الافريقية وصل معدل نموها الاقتصادي إلي 11% في أنجولا و8.4% في اثيوبيا و8.5% في نيجيريا.
إن التنمية المشتركة في مصر والدول الافريقية هي مفتاح تعميق الارتباط بين الشعوب الافريقية ومصر ولا ننسي دور الأزهر الشريف في اتجاه تعليم الشباب الافريقي المسلم بالجامعات المصرية ودور الشركات التي تعمل في مجال المقاولات والإنشاءات ومحطات المياه والصرف الصحي والطاقة الجديدة والمتجددة.
إن أهم رقم يوضح أهمية افريقيا لمصر ان الدول الافريقية تستورد سنوياً منتجات صناعية وزراعية قيمتها لا تقل عن 130 تريليون دولار.