سمير الجمل
علي الشاشة الموضوع مختلف!
دعني آخذك إلي زاوية مختلفة لموضوع شاهده الملايين علي الهواء مباشرة.. وقد قصدت أن أتكلم فيه متأخراً.. لأنه يحتاج إلي أكثر من وقفة لمن يري ويسمع وكان من العاقلين يحاول الإمام الأكبر شيخ الأزهر أن يقدم صورة الإسلام السمح للعالم الغربي.. وقد تحرك في ذلك تحركات واعية وجيدة.. كان من نتائجها زيارة البابا فرانسيس للقاهرة.. رغم ما تعرضت له الكنائس المصرية من إرهاب.. والحقيقة أن الرجل جاء بمشاعر صادقة نحو مصر وهو يعرف قدرها حضارياً ودينياً ورد الزيارة للأزهر ودخله في سابقة هي الأولي من نوعها لبابا الكاثوليك "مليار و600 مليون حول العالم".. وبعد الصورة البديعة التي تداولتها أجهزة الإعلام لعناق الشيخ والبابا كان يجب أن نسأل أنفسنا: وماذا بعد؟!
يقول خبير الدراما: الصورة في الجرائد ثابتة.. وعلي شاشات الفضائيات قد تتحرك لكنها أيضا محدودة.. وتأثيرها أقل بالقطع من صورة درامية تأتي في موقف كتبه مؤلف وجسده ممثل في اطار عناصر أخري من ملابس وديكور وموسيقي.. هنا يتفوق الدرامي علي ما هو خبري.. لذلك تعيش الأفلام والمسلسلات والروايات. بينما نشرات الأخبار لا تعيش أكثر من ساعات محدودة.
وكيف يتحول لقاء البابا والإمام إلي دراما؟!.. بالتأكيد أنا لا أقصد المعني المباشر.. لكن ما أعنيه هنا تقديم أعمال درامية نقدمها للغرب تكشف معدن الإسلام الأصيل وكيف انتشر بالموعظة الحسنة والمعاملة الطيبة وتدخل السيف في مواقف بعينها.. لأن العالم لا يعترف إلا بالقوي.. الأعمال التي تتناول العلاقات الإنسانية بين المسلم والمسيحي واليهودي بل وأصحاب الديانات الأخري الوضعية.. يمكن أن تتحول إلي دراما ومسيرة النبي محمد صلي الله عليه وسلم بما فيها من تسامح ومعاملات ومفاوضات إذا تم تقديمها بأسلوب عصري بلغات عديدة يمكن أن تحقق هذا الهدف.. وكلمة عصري هنا أقصد بها أسلوب الكتابة واستخدام تكنولوجيا التصوير الجديدة والخدع والترجمة عن طريق برامج الكمبيوتر.. كل هذه عوامل يمكن استثمارها.. لكن الواضح أن شركات الانتاج لا تفكر في هذه النوعية من المسلسلات ولا تفكر في أعمال تخدم قضايا الوطن.. سواء علي المستوي المصري أو العربي أو الإسلامي أو العالمي.. بدليل نوعيات الأعمال المعروضة التي يتم تقديمها بمنطق الملهي الليلي كما قلت سابقاً.
والدولة غائبة وخلعت يدها تماماً من الإنتاج الدرامي الذي قدم من قبل رأفت الهجان وجمعة الشوان وليالي الحلمية والمال والبنون ومحمد صلي الله عليه وسلم والذين معه وهارون الرشيد وعمر بن عبدالعزيز واخناتون وغيرها.
وهنا أقترح علي المؤسسات الخيرية الكبري وعلي رأسها "مصر الخير" التي يرأسها مولانا علي جمعة أن تدخل مجال الانتاج الدرامي والبرامجي.. وبذلك تضرب عصفورين بحجر. تستثمر أموالها وتقدم الفن النافع المحترم في مواجهة ما نشاهده وساهم في هدم الكثير من قيم المجتمع وأعرافه وهذا الموضوع يحتاج أن نتكلم فيه تفصيلاً فيما بعد بإذن الله.