الأخبار
جلال دويدار
خواطر .. رفع سعر الفائدة.. ومجبر أخاك لا بطل؟
ليس من تعليق يتوافق وقرار البنك المركزي برفع سعر الفائدة علي الادخار بالجنيه المصري.. سوي المثل الذي يقول »بيدي لا بيد عمرو»‬.. هذا القرار يأتي تنفيذا لبرنامج الاصلاح الاقتصادي ونصائح صندوق »‬النكد الدولي» وفقا لما سماه الرئيس الاسبق حسني مبارك بدلاً من »‬صندوق النقد الدولي». لم يكن هناك مفر من اتخاذ هذا القرار للسيطرة علي انفلات معدلات التضخم الذي ارتبط ببدء هذا الاصلاح وما ترتب عليه من توحش للأسعار التي عقّدت وصعّبت الحياة المعيشية علي المواطن المصري.
إقدام البنك المركزي علي اتخاذ هذا القرار لم يكن سهلاً لانعكاساته وتداعياته السلبية علي جهود الدولة وخططها لتشجيع الاستثمار خاصة أن هناك قانونا اصبح يستهدف تنظيمه وتشجيعه. في هذا الاطار ليس خافيا أن زيادة سعر الفائدة يعني اضافة اعباء جديدة علي المستثمر الذي يلجأ الي الاقتراض من البنوك لتغطية جانب من التمويل اللازم لمشروعاته.
من ناحية أخري فإن زيادة الفائدة هي إحدي الادوات التي سبق تجربتها للحد من السيولة المالية في الاسواق والتي يؤدي إنفاقها إلي ارتفاع معدلات التضخم وبالتالي توحش الاسعار وفقاً لمبدأ العرض والطلب.
يضاف الي ذلك ايضاً الأخذ في الاعتبار تأثير ما ترتب علي اطلاق سعرالصرف للعملات الاجنبية الذي كان نتيجته انخفاض قيمة الجنيه المصري بنسبة تزيد علي ١٠٠٪. هذا الخفض أدي إلي تقليص قيمة مدخرات وعوائد اصحاب المدخرات بالجنيه المصري وهو الامر الذي ألحق بهم خسائر فادحة. في مواجهة هذا الموقف المعقد لم يكن امام البنك المركزي سوي ان تأتي قراراته عملا بالمثل الذي يقول »‬مجبر أخاك لا بطل»!!
مرة أخري اقول وسوف أداوم علي تكراره ادراكاً لأهمية ما توصلت اليه من خلال زياراتي وقراءاتي عن تجارب الامم التي واجهت ازماتها الاقتصادية واستطاعت العبور الي عالم الرخاء والازدهار والحياة الكريمة.. إن خلاصنا من ازمتنا الاقتصادية الطاحنة التي سببتها تراكمات سنوات وسنوات لن يتحقق بأي حال من الاحوال بالقرارات الاقتصادية وبرامج ونصائح صندوق النقد الدولي. للخروج من هذه الهاوية التي بلا قاع أو نهاية حان الوقت أن يؤمن ويدرك كل مواطن مصري بأن نجاته من هذا المصير المجهول مرهون بالعمل والانتاج.
اذا كان العمل هو وسيلة هذا المواطن الوحيدة لكسب ما يكفيه لحياة كريمة. فإن عائده حتمي وضروري ايضا للدولة.. لسداد متطلبات الاستهلاك المحلي للحد من الاستيراد الي جانب توفير فائض قابل للتصدير من أجل الحصول علي العملات الصعبة اللازمة لدعم ومساندة الجنيه واوضاعنا الاقتصادية.
ليس من وسيلة لإبطال مفعول الدائرة المفرغة التي اصبحنا أسري لها سوي بأن تضطلع الدولة بواجباتها ومسئولياتها التي يجب ان تلتزم بالعلم والخبرة والحسم والاستفادة من تجارب من سبقونا.
في هذا الاطار فإن الحكومة مطالبة بأن توجه كل جهودها لتشجيع المشروعات الانتاجية. عليها أن تدرك انه لا حل لمشاكلنا المستعصية بتركيزها علي زيادة مواردها من خلال التجاوز في النشاط العقاري القائم علي بيع الأرض والبناء والمتاجرة فيها كما يحدث حاليا. هذا الأمر تحول إلي بلاعة لكل ما يملكه اي مواطن مصري سواء كان فقيرا أو غنيا إلي جانب ما يصيبه من احباط نتيجة توحش الأسعار. هذه الاستراتيجية الحكومية حولت الدولة وكل من يملك مالا إلي سماسرة وتجار عقارات بدلاً من اقامة المشروعات الانتاجية التي بدونها لا تنمية ولا تقدم ولا شفاء من امراضنا الاقتصادية والاجتماعية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف