المساء
مؤمن الهباء
الحالة النفسية للمصريين
يوم الأربعاء الماضي 17 مايو كان هناك احتفال باليوم العالمي لارتفاع ضغط الدم.. هذا المرض الذي يصفونه بـ "القاتل الصامت".. أحد أصدقائي نبهني لهذه الحقيقة عندما أبديت أمامه ملاحظة بدت لي غريبة بعض الشيء.. فقد أصيب كثير ممن أعرفهم بارتفاع ضغط الدم طوال الأسبوع الماضي فيما يشبه الظاهرة.. لكن لا أحد فينا يعرف سبب اختيار 17 مايو للاحتفال بهذا المرض اللعين.. واعتباره يوماً عالمياً.
وبعد البحث والتحري وجدت أن الأمر جد لا هزل فيه.. وبهذه المناسبة أعلن الدكتور محسن إبراهيم أستاذ أمراض القلب بكلية الطب جامعة القاهرة رئيس الجمعية المصرية لارتفاع ضغط الدم أن مصر تعتبر من أعلي معدلات الإصابة بالمرض علي مستوي العالم.. حيث تبلغ نسبة الإصابة 26.3% من المصريين البالغين.. وأن الجمعية تقوم بدور مهم للتوعية بمخاطر هذا المرض الذي يتسبب في وفاة أكثر من 14 مليون شخص سنوياً في أنحاء العالم.
وياليت الأمر توقف عند ضغط الدم.. فقد ذكر تقرير رسمي صادر عن الأمانة العامة للصحة النفسية بوزارة الصحة أن عدد المرضي الذين ترددوا علي العيادات النفسية بوزارة الصحة بلغ 516 ألف حالة خلال العام الماضي.. وأوضح التقرير أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً في عدد المرضي النفسيين مقارنة بالأعوام السابقة.. ففي 2015 كان عددهم 472 ألفاً.. وفي 2014 كان عددهم 444 ألفاً و650 مريضاً.
وأشار التقرير الرسمي إلي أن المراهقين من سن 13 إلي 18 عاماً في مقدمة المترددين علي العيادات النفسية يليهم الأطفال ثم البالغون.. وهذه إشارة غريبة أن يصاب الأطفال بأمراض نفسية في سنهم المبكرة قبل أن يكتشفوا العالم بسوءاته.. وأيضاً قبل أن يتحملوا مسئولية أنفسهم ومسئولية ذويهم.
وفي حوار مع صحيفة "الأخبار" نشرته يوم الخميس 11 مايو الجاري قال الدكتور حسين الشافعي أحد أهم أساتذة الطب النفسي في مصر والعالم العربي ـ حسبما عرفته الصحيفة ـ أن نسبة المرضي النفسيين في مصر أعلي من المعدلات العالمية.. وأن لدينا زيادة كبيرة أكثر من المعدلات العالمية في الإصابة بالأمراض النفسية بسبب البطالة والجهل والانحراف السلوكي.
وهكذا يعيش المصريون بين ارتفاع ضغط الدم والأمراض النفسية.. وفي الحالتين يسجلون أعلي المعدلات العالمية.. وما لم نسجله في معدلات التعليم التي خرجنا فيها من قائمة المنافسة الدولية تماماً حققناه في ارتفاع ضغط الدم والأمراض النفسية التي سجلنا فيها أعلي معدلات الإصابة في العالم.
ولو سألت أصغر طبيب في مصر عن السبب في هذه المعدلات الرهيبة للإصابة بارتفاع ضغط الدم والأمراض النفسية سيقول لك إنه الضغوط الدائمة التي تحيط بالمواطن المصري من كل جانب طوال الوقت.
ليس في مصر مكان يريح النفس حقاً إلا القبور.. وكم سمعنا عن وعود لتيسير سبل حياتنا لكن يبدو أن العلاج صعب جداً جداً.. ومن أراد أن ينجو من ضغط الدم والمرض النفسي فعليه تجنب التليفزيون وأكاذيب التوك شو وتصريحات الوزراء ورئيسهم.. ومقاطعة مجلس النواب وأي حديث عن الأسعار.
"ربنا يعينا علي ما ابتلانا به.. ويرحمنا من لعب السياسة والإعلام".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف