عباس الطرابيلى
المصريون.. وعشق المليارات!
أصبحت المليارات هى كل حياتنا.. وأتذكر هنا ميزانية حكومة الوفد الأخيرة فى يناير 1950 كانت كلها 190 مليون جنيه!! الآن الحكومة تتحدث بالمليارات.. بل ومئات المليارات.. ها هو وزير التموين يعلن أن الحكومة تتحمل هذا العام 70 مليار جنيه، لدعم السلع التموينية.. كما أن وزير البترول يتحدث عن دعم المواد البترولية، ربما بسبب قرب زيادة أسعارها مع الموازنة الجديدة للدولة.. بل هذا هو برلمانى مهم يعلن أن ثمن الأراضى التى يضع اللصوص أيديهم عليها يتجاوز «تريليون جنيه» ولمن لا يعلم فإن التريليون هو 1000 مليار.
حتى خارجياً تناقلت وسائل الإعلام خبر الاتفاقيات التى فاز بها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب خلال زيارته للسعودية.. فقالت إن قيمتها تصل إلى 460 مليار «دولار». بعضها اتفاقيات عسكرية للتسليح.. وبعضها اتفاقيات اقتصادية مشتركة.. أى أن أمريكا تسترد شيئاً فشيئاً ثمن ما تستورده من بترول!! وتلك حكاية أخرى.
<< ونعود إلى مصر وعشق المصريين للمليارات.. إذ فى بدايات ثورة 25 يناير 2011 أخذ الناس يتناقلون قيمة ما يعتقدونه من ثروة الرئيس حسنى مبارك ونجليه.. وأخذت الأرقام تتصاعد من الملايين الى أن وصلت الى المليارات.. وكان كل من يريد أن يسمعه الناس يزيد فى الرقم.. حتى وجدنا من يتحدث عن أن هذه الثروة تتعدى 70 مليار دولار!! وأتذكر أننى قلت مرة.. لقد حكم الرئيس مبارك مصر قرابة 30 عاماً.. وإذا تمكن من أن يضع يده على الأموال فإنه يحتاج الى 300 عام لكى تصل ثروته الى رقم السبعين مليار دولار!!
<< وربما تحسب ثروات وأموال «الإخوان» خارج مصر بعشرات المليارات من الدولارات.. وبعضها فى بنوك جزر البهاما.. أو أمريكا الوسطى.. وبعضها مستثمر بحكم أن الإخوان يطبقون مقولة تسعة أعشار الربح، من التجارة والكلام كثير عن علاقاتهم المالية مع من يملكون المال فى قطر وتركيا وأمريكا.. سواء ما دفعته أمريكا مثلاً لترويج مشروع ولاية سيناء.. أو بيعها للغزاوية.. وهم من أشطر التجار العرب.
<< ورحم الله أكبر مليونيرات مصر القدامى: أحمد عبود باشا. وفرغلى باشا وحتى كبار أصحاب الأراضى وأبو رجيلة.. وكانت ثروة الواحد منهم لا تتجاوز أصابع اليد الواحد.. بينما تجاوزنا تعبير المليونير.. الى الملياردير.. وفى مصر ـ وهذا حسن ـ الكثيرون ممن يحملون أرقاماً بالمليارديرات.. اللهم لا حسد، إذ منهم من كوَّن ثروته بالعرق والدموع.. والأفكار غير التقليدية.. حتى وإن كان منهم من ظهر فجأة فى كثير من المجالات فملكوا المصانع. والمحطات التليفزيونية واقتنوا القصور والأراضى.. وكان منهم المنتفعون من السلطان فى كل عصر وأوان.
<< فهل فقدت الأموال قيمتها.. حتى أصبحت تحسب الآن بالمليارت.. أم أن الإنتاج زاد.. وأصبحنا مثل أمريكا واليابان.. وكوريا والصين.. وكنا زمان نسخر من الأغنياء فنقول: أصحاب الملايين.. فى نعيم.. وأصبحنا الآن نسخر من أنفسنا بقولنا: أصحاب الملاليم.. فى نعيم.. فإذا كان صاحب المليون لا ينام مستريحاً.. فكيف بصاحب المليار.. أم كلنا نحسد المصريين الآن على قناعتهم.. إذ لم يعد أمامهم إلا الحديث عن المليارديرات وحملة المليار.. وقديماً قالوا "الصيت ولا الغنى"!!