ليت كل عربي مخلص لوطنه. مهموم بآماله. وآلامه. منحاز لرقعته. حريص علي استقراره. وبقائه حراً صاحب قرار. وصاحب رؤية. يقرر مصيره بيده.. ليت كل عربي فيه هذه الصفات ليته يقرأ كتاب الأستاذ عاطف الغمري. الصادر في سلسلة كتاب الجمهورية Think Tanksــ داخل البيت الأبيض.
الأستاذ عاطف الغمري كاتب صحفي سياسي تابعنا كتاباته الرصينة والعميقة علي مدي سنوات كان فيها مندوباً لجريدة الأهرام في لندن نقرؤها بشوق ولهفة ونسعد بتحليلاته دائماً وننتظرها بشغف.. ثم يأتي هذا الكتاب يلقي ضوءاً كاشفاً لعالم نعيش فيه يغير قدرات توجه مصيرنا وتخلق آمالنا. وتبشر بأفكارنا.. عالم لا يبقي فيه حراً مصوناً من لم يطلع علي أساليب ومناهج الغرب الذي عزم علي سيطرته علي منطقة الشرق الأوسط ليس من استغلال خيراته فحسب وإنما لإضعاف دوله. وإرباك شعوبه. وتدعيم جماعات وطوائف لا تعرف للوطن قيمة ولا للوطن حرمة ولا للقومية وجوداً.
يتناول الكتاب في فصوله العشر كيف أقام الغرب مراكز بحث ترسم السياسة الأمريكية. تتمتع بالنفوذ الأكبر في صناعة السياسة الخارجية.
ولن يتأتي هذا النفوذ والتأثير إلا بتوافر المعلومات التي تترجم إلي قوة في الوقت المناسب.
مراكز وبحث متعددة تجمع المعلومات. وتدرسها. وتقترح كيفية تطبيقها. ووضعها موضع التنفيذ أمام الرئيس الذي سوف يتخذ قرارا بمصير المناطق في الشرق الأوسط. كانت أحداث سبتمبر 2001 كشفت للغرب أن معلوماته عن المسلمين في الشرق الأوسط حتي غرب إفريقيا تعاني من جهل فظيع بالثقافات والعادات والتقاليد والمعتقدات.
كشف الأستاذ الغمري النقاب عن مجهود جبار يبذله السياسيون وعلماء الاجتماع والعسكريون في أمريكا لدراسة طباع المسلمين من غرب إفريقيا حتي شرق آسيا. فأنشأت عشرات المراكز البحثية لوضع أساليب التغلغل في هذه المناطق. وكيفية السيطرة عليها والعمل علي تدعيم النظم الديكتاتورية يسهل السيطرة عليها وتوجيه الفكر فيها بما يساعد علي تحقيق آمالهم. كما ألقي الضوء علي مراكز البحث الإسرائيلية التي تعمل لذات الهدف وللوصول إلي غايتها لتكون أقوي دولة في المنطقة. كل هذا والعالم العربي في غفلة مما يحاك له وبه. همه الأكبر هو الدخول في بوتقة المرض الغربي.. وكان التنوع المذهبي والطائفي عاملاً مساعداً علي تنفيذ خطط وأساليب الغرب لإعادة تقسيم المنطقة وخلق كيانات صغيرة وضعيفة يسهل السيطرة عليها وتحريكها حسبما يريد الغرب الذي أنشأ جماعات متعددة يمدها بجميع أنواع الأسلحة لتعبث في المنطقة وفق هواها. وتحت مسميات تخدع البسطاء من الناس. وقد اعترف رؤساء هذه الدول بأن داعش صناعة غربية لا صلة لها بالإسلام ولا تعرف عنه شيئاً. إنما صلتها بمن يمدها بالسلاح والمال داخل دول يراد لها أن تقسم إلي كيانات متعددة ليكون هناك في العراق ثلاث دول شيعية وسنية وكردية. وتقوية حزب الله في لبنان ليكون دولة داخل دولة. وتقسيم سوريا إلي نقاط ضعف تتنازعها إيران وتركيا وروسيا.
خطط قديمة وضعت لتمزيق منطقة الشرق الأوسط حتي إذا جاء أوان تنفيذها خرجت من الحقائب لتوضع موضع التنفيذ ويضرب لذلك مثالاً بضرب العراق واحتلاله حيث إن خطة ضربه وضعت سنة 1992 وهو ما كشفت عنه مجلة تايم الأمريكية في تقرير لها مطول. وتعبير الفوضي الخلاقة وضعه أحد السياسيين في أمريكا حتي استخدمته كونداليزا رايس مؤخراً.
يقول الأستاذ عاطف الغمري إن التقدم الاقتصادي هدف مهم ومبتغي من دول تسعي لنهضتها. ولا يقل عن التقدم والقوة العسكرية ويمكن للعرب اللحاق بالتغيرات العالمية ويساهمون في نهضة اقتصادية بشرط أن يكون لديهم النية في بحث أمور حياتهم ليحققوا ما يصبون إليه.