الجمهورية
جلاء جاب اللة
جمعية دستورية.. أو انتخابات فردية
كشفت أزمة حزب الوفد برغم تدخل الرئيس عبدالفتاح السيسي عن حقيقة نعرفها جميعا وهي ضعف الأحزاب السياسية في مصر.. بل إنها ببساطة لا وجود لها في الشارع.
الأزمة التي صاحبت حزب الوفد.. والغياب الحقيقي للأحزاب كلها عن الشارع.. والفجوة التي زادت عمقا بين النخبة والناس البسطاء والعاديين.. والغياب القسري لحزب الرئيس "أي رئيس".. يجعلنا أمام حقيقة واضحة ومؤكدة هي أن الانتخابات البرلمانية المقبلة لا معني لها.. بل ستعيدنا إلي المربع صفر أو بالسالب في طريق الديمقراطية الحقيقية التي نريدها.
إذن ما هو الحل؟
أعرف أن الحل الذي أطرحه سيغضب الكثيرين لكن تعالوا نناقشه بهدوء وبدون حسابات مسبقة.
الحل ببساطة هو تشكيل جمعية تأسيسية بدلا من البرلمان يتم فيها التمثيل النسبي والنوعي والفئوي للشعب المصري وتضم نخبة حقيقية من رجال القانون العام والقانون الدستوري والمهتمين بالشأن العام.
هذه الجمعية تمارس الدور البرلماني بالكامل لمدة ثلاث سنوات يكون لدينا خلال هذه السنوات خطة لتطوير العمل الحزبي وإفساح المجال أمام الشباب في الأحزاب.. والبحث عن صيغة مصرية 100% للحياة الحزبية السياسية.. بعدها تجري انتخابات حقيقية تمثل الشارع السياسي المصري.
.. وقبل أن يقول أحد إن هذه الجمعية لن تكون دستورية فلنترك رجال الدستور.. والمحكمة الدستورية العليا وفقهاء الدستور يقولون رأيهم أولا.. فإذا كانت غير دستورية.. فإنني أعتذر عن كتابة هذا الرأي وإن كنت مازلت مقتنعا به.. وإذا كانت دستورية أو يمكن أن تكون دستورية ببعض التعديلات.. فهذا يجعلنا ندخل في الموضوع مباشرة.
أولا: الأحزاب ميتة.. ومتناحرة.. وفي هيكلها العام عوامل موتها وليس عوامل حياتها واستمراريتها والصورة أمامنا واضحة في كل شيء.. بداية من أول حزب أنشئ في عهد ما بعد ثورة 23 يوليو 1952 وهو حزب الأحرار الذي أسسه المرحوم مصطفي كامل مراد.. وبموته مات الحزب.. بتفرقه شيعاً وأحزاباً وفرادي.
ثانيا: لابد أن يتخلي بعض قادة الأحزاب عن حلم الزعامة ويتم دمج بعض الأحزاب المتشابهة في كيان حزبي واحد.. وأنا لا أعرف علي وجه اليقين كم هو عدد الأحزاب في مصر الآن.. وكم هو عدد الأحزاب تحت الإشهار.. ولكن ما أعرفه جيدا أنه يمكن دمج كل هذه الأحزاب في خمسة أو ستة أحزاب علي الأكثر.
ثالثا: لم يعد هناك ما يسمي ب "حزب الرئيس في مصر" بعد أن أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي رفضه لذلك في أكثر من مرة.. ونحن عشنا طوال مرحلة ما بعد ثورة يوليو في حزب الرئيس.. سواء كان حزبا واحدا مثل الاتحاد الاشتراكي في عهدي عبدالناصر والسادات أو حزب مصر في عهد السادات الذي سرعان ما تحول إلي الحزب الوطني.. في عهد السادات ومبارك وكانت ممارسات هذا الحزب وقادته وأمين السياسات فيه وأمين التنظيم أحد أهم أسباب ثورة يناير وبالتالي فلم يعد هناك مكان لحزب الرئيس الذي يجمع كل الموالين للحكومة والجهاز التنفيذي ويعبر عنهم.. بل يكون منهم عادة.
رابعا: غياب الشباب عن التواجد الحزبي بشكل واضح وعدم قدرة أي حزب علي استقطاب الشباب النشط "وليس النشطاء".. وغياب الوعي الحزبي.. والفكر السياسي.. والإحساس بالمسئولية السياسية عن كثير من الشباب سواء بسبب الظروف الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية جعل من هذه الأحزاب مجرد أسماء وديكورات لا معني لها.
خامسا: فشل تجربة الحزب المتأسلم بعد أن انكشف الإخوان الذي يمثلون أقدم وأهم تجربة حيث تأسست الجماعة منذ أكثر من 80 عاما لكنها مع التجربة العملية فشلت وكادت تهوي بمصر إلي الجحيم.. ثم اختارت الخيار الإرهابي في مواجهة الإرادة الشعبية تحت شعارات كاذبة تدعي الأسلمة.. كل هذا أضعف جدا من تجربة الأحزاب الدينية بل جعلها في موضع الاتهام برغم أنها كانت الأقوي وسط الفقراء والضعفاء الذين يبحثون عن النجاة في الدين والعودة إلي الله.. بالإضافة إلي الهبات والمساعدات الانتخابية التي كانت توزع عليهم.. لكن برغم كل ذلك فإن التجربة الإرهابية.. وجهت ضربة قاصمة لهذه الأحزاب حتي تلك التي لم تشارك مع الإخوان أو أخذت موقفا مضادا منهم..!!
إذا كان هكذا هو الحال.. وتلك هي حقيقة الأحزاب وفي حال فرضية أن تشكيل جمعية تأسيسية سيكون عملا غير دستوري فما هو الحل؟
الحل - في اعتقادي - أن تجري الانتخابات فردية فقط.. بلا قائمة نسبية أو مطلقة.. أي تكون الانتخابات بالنظام الفردي أو أن نترك للنظام الفردي أكبر مساحة وليكن 90% وأن نرضي بأن يكون البرلمان المقبل برلمانا للخدمات وإرضاء الناخبين وليس برلمانا لوضع سياسات عامة وإقرار القوانين المهمة في مرحلة نحتاج فيها إلي من يصوغ التشريعات والقوانين ويضع الأسس الحقيقية لجمهورية جديدة في مصر تبني للمستقبل وتحدد الإطار العام لسنوات طويلة مقبلة.
حال الأحزاب السياسية في مصر لا يسر عدوا ولا حبيبا.. وبالتالي لابد من حل لهذه الأزمة بما يحقق الديمقراطية..!!
يا كل أحبابي.. سامحوني
تحت نفس العنوان كتبت الأسبوع الماضي أطلب السماح من أصدقائي وأحبابي وأكررها اليوم لعلها تصل للجميع.. ولأكرر اعتذاري عن التقصير في حقهم.. خاصة حق المريض.. أو المحتاج للمساندة المعنوية والنفسية.
وعندما أكررها فإنني لا أكتب عن حالة فردية بل أكررها لتكون حالة عامة وليكون مقالي لسان حال الكثيرين.. لأننا ببساطة شديدة أصبحنا نعاني "البعاد".. و"الاغتراب"..!!
.. البعاد.. والاغتراب.. وقلة الأخلاق وضعف القيم الإنسانية سمات غريبة علي الشعب المصري لكنها أصبحت لسان حال الواقع للأسف الشديد.
القضية ليست في منابر المساجد أو الكنائس وليست في المدارس والجامعات والإعلام. القضية فينا نحن.. أصبح هناك شيء غريب وخطأ في داخل الكثيرين. والغريب أن أحدنا ينتقد الموقف السلبي أو السيئ من الآخر.. وفي نفس الوقت يقوم هو بنفس الفعل أو ما يشبهه ويجد لنفسه ألف مبرر لذلك.
تعالوا نعود للحب والمحبة والصداقة والأخوة والعلاقات الحقيقية التي كنا نعيش عليها وتظلنا.
رسولنا الكريم أرسله الله ليتمم مكارم الأخلاق.. وكان خلقه القرآن.. وكان قرآنا يمشي علي الأرض.. تعالوا نتعلم منه كيف تكون المعاملة بيننا بعد أن وصلنا إلي هذه الدرجة الغريبة من السوء. صدقوني.. الحل في العودة إلي الأخلاق والعودة إلي التسامح والتآلف والحب.. فالحب مصنع المعجزات.
همس الروح:
الحب دواء
الحب شفاء
الحب.. هو أصل كل الأشياء
الحب.. للضائع في بحر الظلمات
هو الميناء
وهو الواحة للتائه في الصحراء
ويبقي الحب
حتي لو فنيت كل الأشياء
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف