بوابة الشروق
محمد مكى
رفاهية صندوق النقد
على طريقة الشركات التى تعمل فى تقديم الإسكان الفاخر والقنوات التى تتيح ما لا يقدمه الآخرون، يتعامل صندوق النقد مع المصريين، فهو يرى أن رفع الفائدة الاخير من قبل صانع السياسة النقدية يحمى رفاهية الشعب المصرى، والله العظيم التعبير منشور على لسان كريس جارفيز، رئيس بعثة صندوق النقد الدولى لمصر الاسبوع الماضى، والخواجة يقدم الروشتة والشاطر من ينفذها.
يُخطئ من يهاجم صندوق النقد ويحمله سقوط بعض الاقتصادات ويؤكد انه وسيلة من وسائل التحكم عن البعد فى مصائر العباد، فهو مؤسسة لها اهداف واضحة وتقرض من خلال منهج محدد، ولم تقل يوميا انها مؤسسة خيرية، وعندما تقبل ما تقترحه من وصايا تحصل على المعلوم، بشرط ان تنطبق عليك قواعد التسليف.
الدلع والهنا من قبل صندوق النقد ضرب من المحال، والكلام على أن المؤسسات المانحة لا تفرض شيئا عبثا، والكلام على انها تضع الخيارات والدول تختار، يمكن أن تقول عنها كلها «مر وعلقم»، فالعلاج لا يؤخذ بالضرب نعم، لكن اعراضه تصيب أشياء اخرى.
من سوء الحظ أن قرار الرفع كانت توصية من قبل «الصندوق» وجاء مخالفا لتوقعات والمؤسسات التى نتباهى ونرسل بياناتها عن الاقتصاد المصرى، الذى لن يعرف طريق الاستثمار حتى لو عملوا مليون قانون، فهناك ربح كبير بدون مخاطر ولا عمالة ولا ورق حكومة و لا سعر طاقة ومشاكل فى تحويل النقد «الاستثمار فى الاوراق» أو ما يعرف بالأموال الساخنة احسن حاجة فى مصر الآن.
الرفع الاخير وان كان لدى المؤيدين سوف يفيد متعاملين البنوك الذين لا يزيدون على 15مليون موطن على اقصى تقدير، لكنه بالقطع يؤدى إلى عزوف كامل عن التمويل المترتب عليه انشاء وبناء يخلق فرص عمل، فكيف يكون للرفع تأثير كبير فى استهداف معدلات التضخم بمجتمع لا يمتلك قطاعا كبيرا منه حسابات بنكية، إذ يمتلك واحد فقط حسابا بنكيا من بين كل خمسة أشخاص تقريبا، ولكن صندوق النقد الدولى ــ وعلى أعلى مستوياته ــ أكد وبشكل واضح منذ أبريل الماضى أن أسعار الفائدة هى الأداة الصحيحة للتعامل مع التضخم فى مصر وهو ما حدث.
فى كل البلاد التى تعمل على زيادة النمو، يكون التمويل هناك بفائدة لا تذكر واصبحت فى بعض البلدان فى أوقات كثيرة «صفرية» بدون فوائد، وتخزين الاموال فى البنوك زمن ولى من سنين، رفع معدل توظيف الودائع إلى الاقراض وهو الامل فى اقامة مشروعات وحياة، وليس رفع الفائدة على الايداع ودفتر التوفير، وهو رفع فى الحقيقية سلبى إذا قورن بالتضخم، فالفائدة 20% على اقصى تقدير والتضخم 31%.
عبارات القرار كارثة وامتثال واضح لطلب صندوق النقد... ما حدث غلطة كبيرة لكن لا أحد يريد الاستماع. لا أجد أى سبب مقنع لما حدث، وغيرها من العبارات كانت ردة فعل أصحاب الاعمال على القرار، حتى وان كان لا يجوز تبنى مواقف كثير منهم فى كثير من الاوقات، لكن الاستماع إلى وجهة النظر الأخرى فى هذا الموقف حتمية، خاصة وان هؤلاء سوف يحملون المواطن ضريبة الرفع والزيادة على جميع المستويات، ولنستعد لموجة ارتفاع جديدة فى جميع السلع والخدمات.
السلطات صاحبة القرار ربما لأول مرة تحدد رقما لمعدل التضخم العام السنوى خلال الربع الاخير من عام 2018، ليتراوح ما بين 10% و 16%، ليكون وعدا أعتقد سوف يسألون عنه فى حالة عدم التحقيق.
**مطلوب على وجه السرعة حلول ليس على الطريقة التقليدية.. خاصة وأن رصيد المصريين على التحمل أوشك على النفاد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف