التحرير
أحمد كامل البحيرى
الإرهاب والأقباط كلاكيت... مرة!
خلال ستة أشهر تمكنت التنظيمات الإرهابية من القيام بعمليات كبرى ضد الأقباط، سواء من حيث الأماكن المستهدفة (البطرسية نموذجا) أو من حيث عدد الضحايا والمصابين من الأقباط٬ وكانت آخر تلك العمليات الإرهابية ضد الأقباط أمس (الجمعة ٢٦ مايو ٢٠١٧) باستهداف حافلة تنقل العديد من المواطنين الأقباط من محافظة بني سويف إلى دير الأنبا صموئيل بمحافظة المنيا٬ أسفرت عن سقوط ما يقرب من ٣٠ ضحية من النساء والأطفال٬ تلك العملية تطرح العديد من التساؤلات حول التنظيم الإرهابي المنفذ لتلك العملية، واستراتيجية التأمين من قبل الأجهزة الأمنية. (١) الخميس الأول من شهر مايو موعد إصدار الجريدة الرسمية لتنظيم داعش الإرهابي، التي أبرزت حوارا مع مسئول ما يسمى قائد تنظيم الدولة الإسلامية بمصر٬ وبعيدا عن مضمون الحوار الهام والخطير لا بد من التوقف أولا حول ماذا يعني تنظيم الدولة الإسلامية بمصر؟ وهل هذا التنظيم هو من قام بالعملية الإرهابية الأخيرة أمس باستهداف حافلة تنقل الأقباط؟ وما علاقة هذا التنظيم الإرهابي الجديد بتنظيم بيت المقدس وتنظيم داعش والتنظيمات الإرهابية غير التقليدية مثل (حسم ولواء الثورة)؟ وأي من تلك التنظيمات يقف خلف تلك العمليات الإرهابية الموجهة للأقباط؟ (٢) فبراير ٢٠١٧ نشر تنظيم إرهابي يحمل اسم لوجو (مصر)، فيديو، مدته عشرون دقيقة ليؤكد هذا التنظيم استهدافه الكنيسة البطرسية، ويعلن عن تأصيل استهداف الأقباط بمصر، ليضع الأقباط في مصر كمستهدف رئيسي خلال المرحلة المقبلة، وكانت الفقرة الأخطر بالفيديو التي جاءت في الدقيقة (١٢) ليعلن هذا التنظيم الذي يحمل اسمًا جديدًا بشكل واضح استراتيجية التنظيم خلال المرحلة المقبلة، حيث أعلن التنظيم الإرهابي ما هو نصه (فكان لزامًا على المقاتلين استهداف نصارى مصر وتنغيص عيشتهم في أي مكان وإدخالهم في دائرة الصراع، فهم من جملة الصليبيين المحاربين للمسلمين). واختتم الفيديو برسالة وهي (أيها الصليبيون في مصر إن هذه العملية التي ضربتكم في معبدكم لهي الأولى، وبعدها عمليات، وإنكم لهدفنا الأول وصيدنا المفضل ولهيب حربنا)، وتوعد التنظيم الإرهابي بعملية إرهابية ضد المسيحيين قريبا وهو ما تحقق باستهداف كنيستي (مار جرجس بطنطا٬ ومار مرقس بالإسكندرية)، فهل هذا التنظيم هو من نفذ تلك العملية الإرهابية أمس باستهداف حافلة الأقباط بالمنيا؟ وهل هذا التنظيم يختلف عن تنظيم بيت المقدس الإرهابي؟ وبتحليل حوار مسئول تنظيم الدولة الإسلامية بمصر٬ خصوصا عندما سئل عن علاقة تنظيم الدولة الإسلامية بتنظيم بيت المقدس، أكد (علاقة إخوة مجاهدين.......... إلخ)، وبتحليل السؤال فقط وليس الإجابة نجد أنه يدل على وجود تنظيم آخر مستقل عن تنظيم بيت المقدس في سيناء، يتخذ من العمق المصري (الوادي والدلتا)٬ أرضًا للعمليات الإرهابية٬ وبالانتقال لتحليل الفيديو الذي بث يوم (الأحد ١٩ فبراير ٢٠١٧)٬ من قبل أحد التنظيمات الإرهابية٬ نجد أن الفيديو حمل شعار «مصر» كلوجو للتنظيم بدلا من شعار «ولاية سيناء»، اللوجو الدائم لكل فيديوهات وبيانات التنظيم الإرهابي بسيناء، بل تضمن محتوى الفيديو مسمى (الدولة الإسلامية بمصر)، وليس «ولاية سيناء» التابعة للدولة الإسلامية في سوريا والعراق، وهو ما يؤكد أن الفيديو الذي بث منذ ما يقرب من أربعة أشهر، الذي أعلن استهداف الأقباط وتبني عملية البطرسية هو تنظيم جديد يحمل اسم (الدولة الإسلامية بمصر). وهنا يدفعنا لطرح تساؤل هل هذا يعني قيام هذا التنظيم الإرهابي بعملية المنيا، أم من قام بتلك العملية تنظيم آخر مثل حسم؟ خصوصا أن تنظيم حسم الإرهابي أصدر منذ ٤٨ ساعة قبل وقوع العملية الإرهابية واستهداف الأقباط بالمنيا٬ فيديو لبعض العمليات الإرهابية التي قام بها٬ بجانب بيان يتوعد بالمزيد من العمليات الإرهابية٬ وهو ما دفع السفارة الأمريكية بالقاهرة إلى إصدار بيان تحذر رعاياها من احتمالية وقوع عملية إرهابية خلال الأيام المقبلة٬ ما جعل العديد من المحللين والرأي العام يربط بين بيان السفارة الأمريكية وتهديدات حركة حسم الإرهابية والعملية الإرهابية ضد أقباط المنيا٬ فهل هذا الربط دقيق أم التحليل الأول بقيام تنظيم جديد يحمل اسم (الدولة الإسلامية بمصر) بالعملية الإرهابية الأخيرة ضد الأقباط؟

وبمراجعة مسار مجمل العمليات الإرهابية لحركة حسم الإرهابية وأخواتها (لواء الثورة الإرهابي٬ العقاب الثوري الإرهابي.. إلخ) نجد أن تلك التنظيمات الإرهابية تستهدف منذ ظهورها وحتى آخر عملية منذ أقل من شهر باستهداف كمين للشرطة متحرك على الطريق الدائري بالقاهرة، قوات الأمن سواء قوات شرطية أو قيادات عسكرية٬ وهذا لا يعني أن تلك التنظيمات لا تستهدف مدنيين (فمن يستحل الدم يهن عليه أي دم)٬ ولكن الأقرب بتحليل تكتيكات العملية أن تلك التنظيمات تأتي في المرتبة الثانية من حيث احتمالية القيام بتلك العملية. (٣) إن نجاح أي عملية إرهابية يحتاج إلى معلومات، معلومة حول المكان المستهدف أو الشخص المستهدف، حتى يتم اختيار أداة العملية الإرهابية، وبالنظر في العملية الأخيرة باستهداف حافلة الأقباط بالمنيا نجد أن مسار تلك الحافلة معلوم للجميع، فبناء على المعلومات التي تداولتها وسائل الإعلام من مصدر كنسي نجد أن الدير يقوم بعمل زيارات مرتين في الأسبوع يومي (الجمعة والأحد) من كل أسبوع٬ وهو أمر سهل لأي عنصر إرهابي أن يتتبع مسارات تلك الزيارات ويحدد الهدف بسهولة٬ بجانب أن طبيعة تلك المنطقة تسهل الاختباء، لطبيعتها الصحراوية، بجانب انقطاع شبكات الاتصال في تلك المنطقة٬ كل تلك العوامل والأسباب تقول إن هذه العملية الإرهابية بسيطة من حيث التخطيط والتنفيذ من قبل العناصر الإرهابية٬ وتدل على ضعف التخطيط والتأمين الأمني٬ فأبسط الأمور في ظل تنامي العمليات الإرهابية وتكرار استهداف الأقباط من قبل (تنظيم الدولة الإسلامية) بناء على التحليل السابق يجعل خط سير مثل تلك الزيارات مؤمَّنًا من قبل الأجهزة الأمنية٬ وهذا هو الحد الأدنى. رحم الله شهداء الوطن.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف