ما زالت علامات الاستفهام ترتسم حول الدافع وراء عدم دعوة الرئيس اللبنانى الجنرال ميشال عون إلى حضور قمة الرياض التى عقدت فى 21 مايو الجارى، لقد تساءل الكثيرون لماذا تم تجاهل عون ودعوة سعد الحريرى رئيس الوزراء، وهى الدعوة التى تشوبها التباسات إضافة إلى كونها خطأ دبلوماسياً وبروتوكولياً فادحاً لا سيما أن القمة عقدت على مستوى الرؤساء والملوك ومن ثم كان يتعين توجيه الدعوة لرئيس لبنان وهى الدولة العضو فى منظمة المؤتمر الإسلامى ومنظمة التعاون الإسلامى وبالتالى كان يجب أن تمثل بواسطة رئيسها.. لهذا كان أمراً مخجلاً ألا توجه الدعوة إلى عون وهو رئيس دولة عربية ويحظى باحترام قطاعات واسعة من اللبنانيين، كما أن له تقديره فى الشارع العربى بوصفه وطنياً أصيلاً، فلا تنسى له مواقفه إلى جانب المقاومة فى أحلك الأوقات، وكيف أنه لم يكترث بالضغوط التى مورست عليه، ولم يتراجع أمام التهديدات التى صوبت نحوه.
إنه ميشال عون الوطنى الصادق الغيور على المصلحة العربية يشهد على ذلك مواقفه، ومنها تحالفه مع حزب الله حرصاً على سلامة الوطن لبنان وإعلاء لمصلحة الدولة.. وقف فى وجه كل المارقين ولم ييأس بل واصل تحديه لكل من حاول تثبيط عزمه ووقف على قمة المشهد السياسى فى بيروت، فرأينا مواقفه النبيلة الداعية إلى وحدة الدولة، وانعكس هذا بدوره على موقفه حيال سوريا الشقيقة وتأكيده على وحدة أراضيها، وكيف أنه ظل رافضاً وبشدة للمؤامرة الإرهابية التى يتعرض لها الوطن العربى فى ظل ما سمى تجاوزاً بالربيع العربى والذى لم يكن إلا جحيماً مستعراً للنيل من الدول العربية تنفيذاً للأجندة الصهيو أمريكية.
إنه ميشال عون المحارب وسط هدير الأمواج التى تتقاذف الشارع اللبنانى لا سيما مع ارتباط بعض القوى اللبنانية بأجندة جهات خارجية تعمل جاهدة لعرقلة جهود عون الرئيس الوطنى من خلال محاولة تعطيل مسيرته الهادفة إلى حماية لبنان أرضاً وشعباً.. ولا غرابة فهو الجنرال الغيور على الدولة، وهو صاحب الإرادة الصلدة التى استعصى معها احتواؤه من قبل المتآمرين، وهو الوطنى الأصيل صاحب المبدأ الذى أصر على أن يبقى لبنانياً وليس مرتداً أو خادماً أو تابعاً لأجندات مشبوهة.. ولهذا كله بدا وكأن السبب الرئيسى وراء عدم توجيه الدعوة له لحضور قمة الرياض هى مواقفه الوطنية والتى فى ظلها ومعها استمر على رفضه للتآمر على قضايا الأمة العربية.. إنه ميشال عون البطل اللبنانى والزعيم الحر الذى لا تنال من شخصه مثل هذه المواقف ولا تحد من قوة إرادته.
أياً كان فإن عون لم يخسر شيئاً من جراء عدم دعوته لحضور قمة الرياض والتى فى حقيقة الأمر لم تسفر عن شىء إيجابى بالنسبة للدول العربية والإسلامية، فكل ما تمخضت عنه هو صفقة الأربعمائة وستين مليار دولار العسكرية الاقتصادية مع السعودية والتى تظل صفقة القرن بالنسبة لأمريكا وليس للعرب ولا للمسلمين.
نعم قمة الرياض لم يتمخض عنها إلا شىء واحد وهو أن ترامب خرج منها بوصفه الفائز الوحيد، فلقد قبض الكثير لدولته دون أن يعطى شيئاً فى المقابل، أما عون، فلم يخسر شيئاً بعدم دعوته إلى القمة التى اجتمع فيها زعماء وقادة ما يقرب من 55 دولة عربية وإسلامية وارتدى فيها ترامب ثوب الواعظين.