شىء رائع وعظيم أن يفكر ويطلق البنك المركزى مبادرة لتمويل متناهى الصغر، بعد مبادرة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، خاصة أن البنوك المصرية إلا عدداً محدوداً جدا لا تفضل تمويل هذا القطاع لما يستهلكه من بنية تحتية وموارد بشرية. وكثير من البنوك تهتم بالشريحة ذات الدخل الأعلى (الكريمة من العملاء) دون الاهتمام بالشرائح المختلفة من المجتمع، ولكن العالم يفرض واقعاً جديداً وهو الشمول المالى، من أجل وصول الخدمات المالية إلى الغالبية من سكان الأرض، وحينما نتحدث عن تمويل متناهى الصغر، فهذا هو عصب الشمول المالى، وأحسن البنك المركزى إذ أطلق مبادرة لتمويل متناهى الصغر.
ولكن يبدو أن هناك حالة من السرعة جعلت المبادرة تخرج دون أن تكون هناك تفاصيل أكثر، فلسان حال الكثير يقول أين هى المبادرة؟ ولماذا لا توجد مبادرة منفصلة للتمويل متناهى الصغر، مثل مبادرة الصغيرة والمتوسطة.
خاصة أن البنك المركزى ضمها إلى الـ20% الخاصة بإلزام البنوك بتمويل الصغيرة والمتوسطة، بما يعنى أن البنوك لن تضع خطوات عملية فى تمويل هذا القطاع وسوف تكتفى بتمويل عدد من الجمعيات الأهلية التى بلغ عددها 750 جمعية، وهو ما يطرح تساؤلاً: هل البنك المركزى سيراقب هذه الجمعيات ويلزمها بسعر فائدة محدد خاصة أن أسعار الفائدة فى بعضها تتجاوز 25%، مع ملاحظة سرعة دوران رأس المال فى هذه النوعية من القروض. وهل ستقوم البنوك بالتمويل المباشر لهذه النوعية من العملاء أم كل بنك يكتفى بتمويل بعض الجمعيات وبالتالى ترتفع تكلفة الإقراض عندما يكون هناك وسيط، يسعى إلى تحقيق الربح.
الأمر يحتاج إلى تفاصيل أكثر، ووضع نقاط كثيرة فوق الحروف، فهل ستوزع الـ20% الملزمة للبنوك ما بين 5% للمتوسط و5% للصغيرة و5% للصغرى و5% لمتناهى الصغر أم ستترك عامة، وبالتالى تركز البنوك على شريحة معينة دون أخرى. وما سعر الفائدة الذى سيتم المنح به: هل هو 5% أم أكثر أم أقل، وما هامش الربح المحدد للجمعيات لا تزيد عليه هل هو1 أم 2% أم الأمر متروك بحرية للجمعيات.
الأمر يتطلب من البنك المركزى وضع تفاصيل أكثر حول مبادرة التمويل متناهى الصغر حتى لا يقول قائل: أين المبادرة؟