المساء
السيد العزاوى
أهل الإيمان
من الرجال الذين تابعوا مسيرة سيد الخلق محمد بن عبدالله ـ صلي الله عليه وسلم ـ رجل كان من أكثر الرواه لأحاديث الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ أنه الصحابي الجليل أبو هريرة الدوسي. وينتمي إلي دوس بن عبدالله بن زهران بن مالك ابن المنضر بن الازد. في أحد الأيام رأي رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ أبا هريرة وفي كمه هرة فقال: يا أبا هريرة لقد نال أبو هريرة شرف الرواية لأحاديث الرسول. وقال البخاري: اسمه عبدالله وإنما هو مشهور بكنيته. وهو من أهل العلم المحافظين علي هذه الصفة وقد أسلم يوم خيبر وشهدها مع رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ وظل ملازماً لمجلسه ـ صلي الله عليه وسلم ـ يسجل عنه أحاديث وتقديراً من الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ لهذا الالتزام بتسجيل كل ما يصدر عن الرسول استحق أبو هريرة اهتمام سيد الخلق ـ صلي الله عليه وسلم ـ ودعا له بالتوفيق في هذه المهمة. وفي إطار هذا الالتزام صارح أبو هريرة رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال: يا رسول الله اسمع منك أشياء فلا أحفظها؟ قال: ابسط رداءك. فبسطته. فحدث حديثاً كثيراً. فما نسيت شيئاً حدثني به. وعن هذه الصفة التي تميز بها أبو هريرة في حفظ أحاديث الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ يقول عبدالله بن عمر لأبي هريرة: "أنت كنت ألزمنا لرسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ وأحفظنا لأحاديثه.. وهي شهادة توضح أن أبا هريرة كان من أكثر الصحابة تسجيلاً لكل ما يصدر عن الرسول من أحاديث تسجيلاً أميناً ودقيقاً.
ومما تتناقله كتب السيرة والتراجم أن الزهري عن الأعرج سمع أبا هريرة قال: إنكم تقولون إن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم. والله الموعد. كنت رجلاً مسكيناً أخدم رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ علي ملء بطني. وكان المهاجرون يشغلهم العمل بالأسواق. كما كان الأنصار يشغلهم القيام بأموالهم. وقال رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ من بسط ثوبه فلن ينسي شيئاً سمعه مني. فبسطت ثوبي حتي قضي حديثه. ثم ضممته إلي. فما نسيت شيئاً سمعته بعد. ومما رواه أبو هريرة عن الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال: قال رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ إذا عاد الرجل أخاه أو زاره. قال الله ـ عز وجل ـ: طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلاً". وقد روي عن أبي هريرة أكثر من ثمانمائة رجل من صاحب وتابع فمن الصحابة ابن عباس وابن عمر وجابر. وأنس. ووائلة بن الأسقع. تلك هي مهمة رجل من أهل الإيمان حصر مهمته في نقل أحاديث رسول الله بكل صدق وأمانة ولتأكيد هذه المصداقية يقول أبو هريرة: الموعد الله. بمعني أنه يخشي الله في كل ما ينقل عن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ حقاً أنه الإيمان الذي استقر في القلب.
وقد طال العمر بأبي هريرة حتي أدرك عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ وتقديراً لأبي هريرة أسند إليه إمارة البحرين لكنه بعد مدة عزله. ثم أراده للعمل مرة أخري لكنه رفض في هذا وقناعه بما وصل إليه وظل بالمدينة المنورة يعبد ر به حتي وافته المنية فلقي ربه راضياً مرضياً سنة تسع وخمسين وكان قد بلغ من العمر "ثماني وسبعين سنة". رحلة كانت مليئة بالحركة والنشاط ولم يتوان يوماً عن متابعة الرسول وتسجيل كل ما يصدر عنه. وقد امتاز أبو هريرة في تحري الدقة في كل ما ينقله عن الرسول الكريم ـ صلي الله عليه وسلم.
تلك هي مسيرة رجل نذر نفسه لمتابعة حديث رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ وببركة دعاء الرسول له صار من أكثر الصحابة رواية لأحاديثه وامتلأت كتب الأحاديث للإمامين البخاري ومسلم بالكثير من الأحاديث التي رواها أبو هريرة عن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ وقد وضع هذا الصحابي نصب عينيه قول الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ: "نضر الله وجه امريء سمع عني مقاله فوعاها" تلك هي الأمانة التي أهلت: بن أبي صخر الدوس لهذه المكانة الرفيعة. ومن الطرائف التي تروي عنه أن عبدالله بن رافع قال له: لم اكتنيت ب بأبي هريرة. قال أبو هريرة بكل تواضع وكنت أرعي الغنم لأهلي وكانت لي هرة صغيرة فكنت أضعها بالليل في شجرة. فإذا كان النهار ذهبت بها فلعبت بها ولذلك كنوني بأبي هريرة. وهكذا كانت بداية رجل من أهل الحديث رغب في العلم فهداه الله وصار من أعلام المحدثين رحمه الله رحمة واسعة ويكفيه فخراً دعاء سيد الخلق ـ صلي الله عليه وسلم ـ له. إن في ذلك لذكري لمن كان له قلب أو ألقي السمع وهو شهيد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف