الأخبار
جلال دويدار
هل تعيد مدينة الأثاث التميز «لموبيليات» دمياط
بمناسبة الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي لمشروع مدينة دمياط للاثاث لابد أن نحيي الذكريات حول التاريخ المشرف للحرفيين المصريين الذين اذهلوا العالم بنجاحهم الفريد والمتميز. في هذا الشأن إن العالم كله يعلم ما قدمه ابناء دمياط علي مدي التاريخ لفنون لصناعة الموبيليا بشكل خاص والاخشاب بشكل عام. لا يمكن لاحد ان ينسي لجوء المستعمر التركي ابان احتلاله للدولة المصرية.. الي ترحيل »اسطوات»‬ هذه الصناعة من دمياط اليالاستانة في تركيا لنقل هذا الفن اليها.
علي ضوء الشهرة والعلاقة التي كانت تربط ميناء دمياط بالموانيء والمدن العربية خاصة الشام انتقل العديد من هؤلاء الصناع إلي دمشق ليساهموا في اثراء هذه الصناعة وزخرفتها.
إذن وعلي مدي التاريخ الحديث والبعيد كانت دمياط أكبر مركز لصناعة وتصدير الموبيليا محلياً وخارجياً. لم تكن أي زيجة تتم في هذا الوقت وحتي الان خاصة بالنسبة للطبقات المتوسطة وما فوقها دون القيام بزيارة دمياط للتعاقد علي مستلزمات بيت الزوجية من الموبيليا. اجادة هذه الصناعة وتغلغلها في المجتمع الدمياطي كانت دافعاً لعدم الاقبال علي التوظف الحكومي. كل ابناء دمياط كانوا يفضلون اقامة مشروعات للموبيليا او للحلويات او للجبنة. هذه السمة في سلوكياتهم كانت أحد اسباب اختفاء البطالة من هذه المدينة.
للاسف فإن كل الصناعات التي كانت مصر تتميز بها ومنها صناعة النسيج التي كانت تعتمد علي القطن المصري طويل التيلة الشهير علي مستوي العالم.. تعرضت لهذه النكسة التي تعاني منها صناعة الموبيليا التي اصبحنا نستوردها من الصين. مسئولية هذا التراجع وهذا الانهيار تتحمله حكومات ما بعد ثورة ١٩٥٢. كان شيئا محزنا ومحبطا أن تختفي من حياتنا رويداً رويداً من هذا الوقت. الاحتفالات التي كان يشهدها الريف المصري مع جني القطن وبدء عرضه للتسويق والبيع كانت ايام هذه المناسبة بمثابة عيد للفلاح تترتب عليه كل الاحداث السعيدة في حياته. هذا المحصول كان محورا لاقتصاديات الدولة المصرية. تأثيرات هذا الحدث كانت تشمل عموم مصر متمثلة في كل مظاهر الرواج الاقتصادي.
إن مشروع مدينة الاثاث في دمياط يعد أحياء لأمل بعث الحياة من جديد في الصناعات التقليدية الحرفية التي تميزت واشتهرت بها مصر المحروسة. من المؤكد أن أي خطوة عليهذا الطريق تمثل دفعة لهذا الوطن نحو التقدم الذي لا يمكن ان يتحقق تقدمه اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً بدون الانتاج الصناعي التقليدي والحرفي.
أملنا كبير في أن يؤدي الحماس والمبادرات البناءة لصالح الصناعة في مصر إلي اعادة البعث من جديد من أجل خلق جيل من المهنيين المهرة في كل الصناعات. كم أتمني أن تكون هناك رعاية شاملة لمن تبقي من اسطوات هذه الصناعات وأن تسند اليهم من خلال خبرتهم اعداد وتدريب اجيال جديدة من هؤلاء العمال المهرة الكسيبة الذين يعشقون العمل والانتاج.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف