التحرير
سامح عيد
انتخابات 2018
جمعتني مع بعض الأصدقاء جلسة صاخبة من الحوار حول انتخابات 2018، بعضهم حزبيون وبعضهم غير حزبيين، مشاربهم مختلفة ورؤاهم مختلفة، جمعهم عدم رضا عن الوضع السياسي الحالي وعن الوضع الاقتصادي، بين الإحباط والتفاؤل جمعهم الحوار، وكان من محاور النقاش الانتخابات القادمة، وكان السؤال الأول هل ستحدث انتخابات من الأصل، ورغم انفتاح مصر على جميع الاحتمالات الدراماتيكية، وأن التنبؤ بالغيب في هذه الظروف صعب، ولكن الترجيح والنسبة الأعلى رجحت حدوث انتخابات، وعلى هذا الترجيح تتابع الحوار، هل ستكون نزيهة أم لا؟ والنزاهة تختلف عن عدم التزوير الخشن، فالنزاهة هي حيادية الأجهزة التنفيذية والأمنية والإعلامية في المعركة الانتخابية، أما التزوير الخشن فهو تسويد البطاقات في اللجان، وأعتقد أن هذا الأمر سيكون من الصعوبة بمكان في الانتخابات القادمة على الأقل، وإن كان هذا محل خلاف في النقاش، وقال أحدهم، لن تكون نزيهة، وستزور أيضًا. وكان النقاش التالي: هل تجتمع القوي المعارضة على مرشح أم تقاطع؟ البعض قال إن لم نأخذ ضمانات فالمقاطعة هي الطريق وإلا فهي خيانة للثورة وإعطاء مشروعية لنظام لا يليق بمصر بعد ثورتين، وكان السؤال الآخر وما البديل؟ فهل ستؤثر المقاطعة في شرعية الانتخابات؟ فبالطبع سيكون هناك مرشحون، وقد بدأ بعضهم الآن إعلان ترشحه بالفعل، والانتخابات قادمة قادمة، سواء اجتمعت القوى المعارضة على مرشح، أم تحولت إلى انتخابات هزيلة. وكان السؤال الأصعب هل سيرشح السيسي نفسه في الإنتخابات أم لا؟ وكان الاتجاه الأكبر أنه رشح نفسه بالفعل، وجاء السؤال التابع، فهل سيخوض الانتخابات ضده قادة عسكريون سابقون كعنان وشفيق؟ ومن الواضح أن لديهم رغبة، ولكن المشكلة أن الأمر شديد التعقيد، وهناك توافقات إقليمية ودولية متحكمة في المشهد، فهل الشعب قادرعلى إثبات وجوده وأن يكون رقمًا في المعادلة، أم سيظل متفرجًا ومتابعًا لما يتوافق عليه النظام الدولي والإقليمي؟ كان رأي أحدهم، أن القوى المعارضة في مصر مفتتة، ولا يوجد من عليه إجماع، وكان مشكلة اليسار مثلاً في الانتخابات الماضية هي وجود أربعة مرشحين محسوبين على اليسار، خالد علي وصباحي والبسطويسي وأبو العز الحريري، ورفضوا جميعًا التنازل رغم فرص بعضهم الضعيفة للغاية، وهكذا الانتخابات القادمة فالتوافق أمر صعب، التوافق على الدخول من المقاطعة غير متوفر، والتوافق حول مرشح أمر من الصعوبة بمكان، لو تجاوزت المعارضة تلك الصعاب ستكون رقمًا في المعادلة، لأن قضية التوافق لا تسير في أجواء سهلة وميسرة، ولكن من المؤكد أن فكرة التآمر لضرب هذا التوافق هو تآمر معروف إن لم يكن مشروعا في الحسابات الانتخابية المعقدة، فمن حق أي طرف، أن يفتت الجبهة المنافسة كما حدث في الانتخابات الماضية التي دفعت بشفيق ومرسي للإعادة، فلم يحدث هذا الأمر بلا تآمر لتفتيت الأصوات والدفع بمرشحين لا لشيء إلا لتفتيت الأصوات. قال أحدهم دخول الانتخابات مفيد حتى لو فاز فيها الرئيس السيسي، سيكون لزاما عليه تقديم برامج، والدفاع عن نفسه في ما أقدم عليه من مشروعات وقرارات، وربما يلزم ببرامج زمنية، وربما يكون مجبرا على توسعة دائرة النقاش السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وربما يكون مجبرا على تقديم حوافز مثل إخراج الشباب من السجون وتوسعة المجال العام، تحت ضغط الانتخابات، شكك بعضهم في الأمر. قال أحدهم إن الانتخابات ستفتح مجالاً للحراك العام، ربما يتحول إلى تظاهرات كبيرة، وربما تتصاعد لاعتصامات والسيطرة على التحرير والميادين مرة أخرى، إذا حدث تشكيك في عملية الاقتراع النهائية وربما تكون الموجة الثالثة للثورة الأكثر نضجا من سابقتها.
شكك بعضهم في هذا الأمر، وأن النظام لن يسمح بهذا مطلقا، وإنه مش داقق عصافير، وأكبر خطأ أن تتوقع غباء الآخرين وقال إن هذا كان خطأنا الكبير في الثورة الأولى. ولكن الآخر قال: وهل كان نظام مبارك غبيا؟ فقد كان أكثر ذكاءً من هذا النظام، ولكن الثقة الزائدة توقع في الأخطاء، والقدرة على ضبط ردود الأفعال كلها صعبة، وأن دقة الحسابات مفتقدة، وأن الأمر مفتوح على جميع الاحتمالات، وأن الممارسة والمغامرة والإقدام أفضل من الركود وتوفير انتخابات سهلة وميسرة للطرف الآخر. لم تنته الحوارات ولم تحسم، وما زال النقاش مستمرا والزخم قائما، وسيزداد الزخم في الفترة القادمة كلما تقدم الزمن وتقلص الوقت، وكثرت الأحداث. أعتقد أن الدراما السياسية في مصر أعظم من أي دراما، وأقوى من أي خيال، ومليئة بالمفاجآت، والمشكلة أن كاتب السيناريو الذي صنع الحبكة، غير قادر بالفعل على كتابة النهاية، فما زال القدر ماكرًا، وقادرًا على صنع المفاجآت! هي راحت فين انتخابات المحليات؟ ندهتها النداهة؟!


تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف