خالد الشريف
مصرنا.. لا تعاني مشكلة طائفية
لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ " .. كثيرا ما تستوقفني هذه الأية الكريمة من سورة الممتحنة ..التي يأمرنا فيها ربنا بالبر والإحسان لأهل الكتاب الذين لم يخوضوا في حرب ومعارك مع المسلمين ويتعايشون مع المسلمين في أمن وأمان فهناك نهي قاطع عن قتالهم أو مسهم بأي أذى بل أن من العلماء كالحافظ ابن كثير أوجب الاحسان للنساء والضعفة منهم ..وذهب الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في تفسير سورة البقرة إلى ان المسلم يثاب على إحسانه إلى هؤلاء ، وله على ذلك أجر ، ويكمل الشيخ رحمه الله فيقول "فقد ذكر الله تعالى من صفات الأبرار الذين هم أهل الجنة : "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً"والأسير لا يكون إلا كافراً .
بل إن الإمام النووي رحمه الله ذهب إلى أبعد من ذلك فقال "فلو تصدق على فاسق أو على كافر من يهودي أو نصراني أو مجوسي جاز , وكان فيه أجر في الجملة فعلاقة المسلم بأهل الكتاب علاقة قائمة على الإحسان والبر.. فما بالك بأقباط مصر المتعايشون معنا والمتداخلون معنا في كل نواحي الحياة في مصر فهم أولى بالبر والاحسان ولذلك من حقنا أن نحزن ونتألم بمزيد من الأسى للحادث الإرهاب البشع الذي نال من الأقباط واستهدف المواطنين الأمنين أثناء رحلتهم للعبادة بدير الأنبا صموئيل بالمنيا .
فلايمكن أن يرتكب هذه الجريمة مسلم يفهم دينه وإسلامه جيدا دينه الذي يأمر بالبر والإحسان للأقباط ونهى عن قتل النساء والاطفال حتي في الحروب ولايمكن أن يرتكب هذه الجريمة مسلم يسعى لمصلحة وطنه ليثير الفتنة والبغضاء والعداوة بين أبناء مصر خاصة وأن أعداء الوطن يتربصون بنا الدوائر ويخططون ليل نهار لإشعال الفتن والحروب بين المسلمين والأقباط .
حقيقة أن الإسلام برئ من تلك الحوادث الإجرامية التي تنال من الأقباط وكنائسهم ونظلم الإسلام دين الرحمة والإحسان حينما يتم حشره في تلك الحوادث فهي أبعد ما تكون عن منهاج ديننا الحنيف وأين نذهب من قوله صلى الله عليه وسلم " من عادى ذميا فأنا خصيمه يوم القيامة " ومن يقوى أن يكون في خصومة مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم .. ؟ ولذلك أن ادعو الدعاة والعلماء ومؤسسة الأزهر والجمعيات والأحزاب والقوى السياسية إلى التضامن الكامل مع الأقباط في محنتهم بعد سلسلة التفجيرات الآثمة التي لحقت بالكنائس وحادث أتوبيس المنيا .
فالتضامن مع الضحايا واجب شرعي ووطني، خاصة أن الأقباط يعانون من مظالم كثيرة مثل كل المصريين من فقر غلاء في الأسعار وبطالة وقمع، إضافة للاستغلال السياسي من قبل البعض .
وأقول بكل تأكيد أن مصر لا تعاني من مشكلة طائفية، فالشعب المصري على مر التاريخ شعب متداخل لايمكن فصل المسلم عن المسيحي في المدارس والجامعات وتالمؤسسات والمواصلات والشارع والسكن تجد المسلم بجوار المسيحي يمثلان التعايش الفريد منذ عشرات القرون والعقود .. الحقيقة الثابتة أن العالم الان يعاني من استبداد وقمع ساعد كثيرا على نمو وانتشار الإرهاب، خاصة أن سياسة الانتقام في بلداننا العربية من المعارضين والاعتقالات العشوائية والتعذيب تخلق قنابل موقوتة من الغضب تؤدي إلى تدمير الوطن وانتشار العنف.
لذلك دعوتنا الدائمة تهدف إلى خلق مناخ فسيح للحرية وفتح آفاق جديدة من الأمل أمام الشباب في تغيير واقعهم وتحقيق حلمهم في العيش والحرية والكرامة الإنسانية حتى يعود الاستقرار والأمن لكل بلادنا العربية ..اللهم احفظ مصرنا من كل سوء ..وردنا لديننا ردا جميلا يارب العالمين .