سليمان شفيق
شباب الأقصر مستقبلنا بين أيدينا
بعيدًا عن صخب العاصمة وثرثرات المثقفين، والمناوشات الدينية والطائفية من بعض بارونات الإعلام والمتسكعين على الفيس بوك، والمنقسمين حول شعبية سياسيين وهميين وأبطال من ورق، عشت يومين فى مدينة الأقصر مهد الحضارة بدعوة كريمة من جمال يوسف المسئول عن جمعية (المصرى للتنمية والتدريب )، لإدارة ندوة بعنوان «وطن واحد شعب واحد»، يصحبه العميد خالد عكاشة الخبير الأمنى، والنائب مجدى ملك، قدمت للندوة الإعلامية الواعدة أسماء صديق، وبحضور محافظ الأقصر محمد بدر، وأحمد عبيد وكيل وزارة التضامن، الحاج عبدالعاطى على أحمد عضو الاتحاد الإقليمى للجمعيات، ومحمود نجم الدين مدير مركز الإعلام، عبدالمنعم عبدالعظيم باحث ومؤرخ، أبونا اسطفانوس راعى دير ما بقطر حجازة قبلى، هبة فتحى مدير جمعية المصرى.
عرض الخبير الأمنى خالد عكاشة خبرات رحلة عاد منها من ليبيا بعد الانتصارات الأخيرة من قبل الجيش الليبى على داعش وتحرير بنغازى، وتطرق إلى أوضاع الإرهاب فى مصر، وكيفية مواجهته ودور الشعب جنبًا إلى جنب مع القوات المسلحة والشرطة، وتوقف أمام الرؤية الأمنية لتطورات الحرب على الإرهاب من سيناء وحتى التفجيرات الداخلية التى استهدفت الكنائس فى البطرسية ومار جرجس طنطا والمرقسية بالإسكندرية، وتطرق إلى ظاهرة عولمة الإرهاب، ومن جهته تحدث النائب مجدى مجدى ملك منطلقًا من الربط بين صمود الشعب والانتصار على الإرهاب، وتوقف أمام مكافحة الفساد كجزء لا يتجزأ من مكافحة الإرهاب.
وتحدث المحافظ محمد بدر مرحبًا بالنائب مجدى ملك والخبير خالد عكاشة، مطالبًا الشباب بمزيد من العمل والمشاركة لأنه بدون سواعد الشباب لن يتقدم الوطن ولن نهزم الإرهاب، وفى كلمته أكد جمال يوسف على أن مشروع «مستقبلنا بين أيدينا» قامت فيه الجمعية بتدريب (275) متدربًا من شباب وشابات الأقصر مدينة وقرى، وتم عرض فيلم وثائقى ضم ورش العمل والمحاكاة التى تمت مع الشباب.
وتحدث أحمد عبيد وكيل وزارة التضامن عن مشروع «مستقبلنا بين أيدينا»، وكيف تم تدريب (275) متدربًا عن الحملات الانتخابية وقوانين المحليات والعمل العام، على أن يقوم هؤلاء بتدريب (27 ألف) شاب وشابة.
ثم تخلل الندوة احتفالية قام فيها المحافظ بدعوتى والنائب مجدى ملك والخبير خالد عكاشة ووكيل الوزارة أحمد عبيد بتوزيع شهادات التقدير للشباب والشابات الذين اجتازوا ورش العمل والتدريبات.
تخللت الندوة والاحتفالية تساؤلات من جموع الشباب حول كيفية مواجهة الإرهاب والفساد، ودور المشاركة الشعبية فى تلك العمليات.
على هامش الزيارة زار النائب مجدى ملك والخبير خالد عكاشة وجمال يوسف الأسقف الأنبا بيمن أسقف قوص ونقادة، بدير الملاك العامر واستعرضوا مع الأنبا بيمن أحوال المواطنين المصريين الأقباط، ودورهم فى المشاركة الشعبية والمجتمعية والتحديات التى تواجههم فى ذلك.
على الجانب الآخر أوقفنا على الطريق أحد سائقى الحناطير، وكانت المفاجأة أنه يعرف العميد خالد، وأكد له أن آراءه تحمل له الطمأنينة على الأوضاع الأمنية مستعرضًا معه وجهات نظر حول الأمن، والتفت إلى النائب مجدى ملك قائلا: «أنت النائب الذى اكتشف الفساد فى الغلة والقمح»، وتساءل لماذا لم تكمل بعد إقصاء وزير التموين ؟، وامتد الحوار إلى ضرورة تنشيط السياحة لأنها روح الأقصر.
الأقصر بمحافظها الشاب المتفتح ما زالت تقاوم الكساد، وتحلم بعودة السياحة، ورغم كل الأحداث الاقتصادية و«الطائفية» التى تمر بها المدينة إلا أنها تقف مرفوعة القامة، كأجدادهم الفراعنة.
ما زالت أصوات سائقى الحناطير تتردد فى مسامعى حول ضرورة مواجهة الإرهاب من أجل حياة المدينة، يتحدثون بعمق وأصالة لايمتلكها كثيرًا من مستهلكى الثقافة بالعاصمة، يعرفون الهدف ويربطون بين حرية الوطن وأكل العيش، وجوههم تعكس روح الوطن كما تنعكس الشمس من على رأس رمسيس فى معبده، ينتظرون تقدم وطنهم ومدينتهم فى شموخ وكبرياء.
حتى أننى تمنيت أن أحيا فى هذه المدينة، وفى الصعيد المنسى الذى كما قال عنه العميد خالد عكاشة «الكنز الاستراتيجى». ترى من يكتشف هذا الكنز من جديد؟