على هاشم
اكشفوا مخططات الدول الراعية للإرهاب
* تستميت جماعات الإرهاب لصبغ جرائمها بلون الطائفية البغيضة. تراهن علي كسر إرادة المصريين وضرب وحدتهم وتفكيك نسيجهم الوطني مضرب الأمثال في التلاحم والصمود.. هذا ما حَاولوه في الحادث الإرهابي الجبان في المنيا.. ومن قبله في حادثي طنطا والبطرسية وغيرهما.. الأمر الذي يجعل السؤال ملحًا : كيف حال نسيجنا الوطني.. هل ثمة احتمال ولو ضئيلاً أن ينفذ الإرهاب إلي وحدتنا الوطنية..؟!
* أتصور أن ردود الأفعال التي تعقب كل حادث إرهابي تقول بوضوح إن وحدة الوطن منيعة. يجسدها قول مشهور للبابا شنودة مفاده: أن أعداءنا أرادوا التفريق بيننا فلم يجدوا مصر إلا جسدًا منيعًا قويًا يأبي الانهيار. وشعبًا قادرًا بفطنته وصلابته علي التصدي لمؤامراتهم وكشفها ودحرها ¢.. وفي رأيي أن هؤلاء الأعداء مهما يحاولوا فلن ينجحوا لسبب بسيط هو أن الوطن مقدم علي الطائفة في وعي وضمير كل مصري.. هذا ما أكده البابا تواضروس في أعقاب حوادث مماثلة استهدفت الكنائس فما كان منه إلا أن قال : "وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن".. هكذا يري المصريون أن حب الأوطان عبادة. والدفاع عنها في ساعة الشدة فريضة تتقدم علي ما سواها.. وهو ما يجعل من اللازم أن نؤكد هنا أن نجاح أي مؤامرة علينا أو فشلها يتوقف علي مدي استعدادنا نحن للتجاوب معها أو رفضها ومقاومة أغراضها الخبيثة.
لقد خاضت مصر عشرات المعارك. وقدمت آلاف الشهداء بجبهة داخلية موحدة تنصهر في بوتقة الوطن. ولا تزال رغم شدة ما يحيط بها من مخاطر وما يتهدد حدودها من كل جهة من تربص واستهداف اجتمعت له أطراف عديدة هنا وهناك..لا تزال جبهتها الداخلية حَصينة متينة في وجه العواصف. ولا يزال شعبها مستعدًا للتضحية بأضعاف أضعاف ما قدم من الشهداء في سبيل بقاء الوطن.. ولن تفلح عصابات الإرهاب المتأسلم التي ترعاها دول باتت مكشوفة ومعروفة للجميع في النيل من هذا التماسك.. وسوف يأتي الحساب ولن تفلت من العقاب.
ما يهمنا في هذا السياق أن نركز علي تمتين الصف الوطني وإبقاء جذوة المقاومة الداخلية متوهجة في وجه مخططات الشر التي تحاول الوقيعة بين عنصري الأمة من آن لآخر.. ونحمد الله أن جيش مصر الباسل كفء ويقظ ويقف بالمرصاد لتلك العمليات القذرة التي تسعي لها دول وأجهزة مخابرات أجنبية توفر التمويل والمعلومات والغطاء السياسي لتنظيمات الإرهاب وجماعاته.. ولن تفلح مساعيها مادمنا علي قلب رجل واحد نؤمن بعدالة قضايانا وسلامة مواقفنا في وجه إرهاب ينهش حتي في دول كبري نجح في النفاذ إليها وجعلها في مرمي عملياته.. وليس ما حدث في إنجلترا وفرنسا أو حتي أمريكا عنا ببعيد.
وتبقي مصر في طليعة الحرب ضد الإرهاب تكافح ـ كما يقول الرئيس السيسي ـ تنظيماته المسلحة والمدربة والممولة من دول عربية وأجنبية.. وهو ما يطرح سؤالاً : ماذا تستفيد الدول الراعية للإرهاب..؟! وهنا نعود للتاريخ. حيث أدركت قوي الشر منذ عشرينيات القرن الماضي أن إحكام السيطرة علي عالمنا العربي لن تتأتي بالاحتلال العسكري ولكن بزرع بذور الفتنة في أوصاله بتوظيف الدين. حدث ذلك عندما زرع الإنجليز جماعة الإخوان في مصر منذ عام 1928. وبعد أفول نجم الإمبراطورية البريطانية تكفل الأمريكان برعاية تلك الجماعة» ومن ثم لم يكن غريبًا ولا مدهشًا أن تدافع عن جماعة الشر دول تراجع بعضها ظاهريًا. بينما يصر البعض الآخر علي التورط في تقديم كل الدعم للإرهاب جهاراً نهاراً. ولاسيما قطر وتركيا وإيران وبريطانيا.
أهداف الداعمين للإرهاب. الصانعين له. ليست خافية. فهؤلاء لا يريدون لمصر خيرًا. ولا يرضيهم إلا أن تسقط وتركع وتخضع لحكم الإخوان والدواعش.. ولا تزال هناك دول. أشار إليها الرئيس السيسي في خطابه المهم أمام القمة العربية الإسلامية الأمريكية بالرياض تفتح ذراعيها لجماعة الإخوان ومن دار في فلكها من منظمات إرهابية. وهو ما دفع الرئيس للقول بوضوح :¢ إن هناك دولا تورطت في دعم وتمويل المنظمات الإرهابية وتوفير الملاذ الآمن لها. كما أن هناك دول تأبي أن تقدم ما لديها من معلومات عن المقاتلين الإرهابيين الأجانب حتي للإنتربول.. إن كل من يقوم بذلك هو شريك أصيل للإرهاب.. ثم تساءل الرئيس السيسي: أين تتوفر الملاذات الآمنة لهؤلاء الإرهابيين وتدريبهم ومعالجة مصابيهم وإجراء الإحلال والتبديل لعتادهم ومقاتليهم ومن الذي يشتري منهم البترول. ومن يمدهم بالتبرعات المالية.. وكيف يتوفر لهم وجود إعلامي عبر وسائل إعلام ارتضت أن تكون أبواقًا دعائية لتلك التنظيمات الإرهابية¢.. وطالب الرئيس السيسي العالم بصياغة خطة عمل واضحة لاقتلاع جذور الإرهاب تمويلاً وتسليحًا. وعدم اختزاله في تنظيم أو اثنين فهذه التنظيمات تنشط من خلال شبكة سرطانية تجمعها روابط متعددة في معظم أنحاء العالم. وتخوض مصر حربًا ضروسًا لمكافحتها.
ما قاله الرئيس السيسي يستحق الانتباه لخطورته. فالإرهاب لا يمكنه أن ينشط دون دعم تقدمه إليه دول بعينها.. المدهش أن الدول التي زرعت التنظيمات الإرهابية في عالمنا تدعي محاربته الآن. وتتحدث عن مخاطره رغم علمها أنها شريك في الجريمة.. والسؤال : ما مصلحة هذه الدول في زعزعة استقرار دولنا العربية والإسلامية.. ماذا تجني من إضعافها وتفكيكها.. أهي محاولة جديدة ناعمة لاستعمارها والسيطرة علي خيراتها ومواردها.. أم لترويج وإنعاش صناعة السلاح والخزائن الغربية التي تجد في مثل هذه الصراعات فرصة ذهبية للتكسب ومص دماء الدول الفقيرة.. أم لتحقيق ذلك كله. وفوقه ضمان أمن إسرائيل وتفوقها علي العرب أجمعين.. أفيقوا يرحمكم الله.. وافضحوا مخططات الدول الراعية للإرهاب وجرائمها مع تسريع الخطي في مناهضة الفكر الإرهابي. ودحر العناصر الإرهابية عن أراضينا.
أوقفوا هذا العبث
* لا تزال فضائياتنا تواصل عبثها واستهانتها بالشهر الفضيل بما تقدمه من مسلسلات هابطة وبرامج مقالب غاية في الإسفاف.. لقد جاوز عدد تلك المسلسلات والبرامج الثلاثين.. وهو ما يدعوني لسؤال المسئولين عن تلك الأعمال : من أين سيجد المشاهد وقتا لمتابعة كل هذه الأعمال..وأي هدف وطني ترجون تحقيقه لمصر من ورائها.. أي قيمة تودون غرسها في أجيالنا الجديدة.. أي عبث تروجون.. ألا تدرون أن أعمالكم تلك أخطر علي عقل الأمة ووجدانها ودينها من أعتي أعدائها ؟!
هل حاربتم معركة مصر مع الإرهاب.. هل اشتبكتم مع أفكار الإرهاب ورددتم عليه الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان ليأخذ عصاه ويرحل عن ديارنا غير مأسوف عليه.. أم توفرون له بيئة حاضنة قوامها الجهل والتسطيح والمرض والتطرف وإشعال الحقد الاجتماعي بين الفقراء المحرومين والأغنياء الذين يبخلون عليهم..أين تجارب النجاح التي تقدمونها ليستلهم الناس أفكارها؟!
أغلب ما تعرضه شاشاتنا للأسف لا يقدم حلولاً لمشكلات مستعصية ولا يقوم أخلاقاً أعوجت. ولا ينير للناس عقلاً ولا وعيًا.. بل بالعكس يقفز علي واقعنا ويتعامل معه بانتقائية وسذاجة ويشيع الإحباط واليأس في وقت نحن أحوج ما نكون لإشاعة الأمل والتفاؤل.. كما ينمي قيم الاستهلاك والإثراء السريع دون عمل حقيقي ولا تعب. ويحض علي العنف والكراهية والتواكل. فضلاً عما تروجه من إثارة تخدش روح الصيام.. أفلا يستلزم ذلك وقفة مراجعة يتصدي لها المجلس الأعلي للإعلام ونقابة الإعلاميين الجديدة.. إلي متي نترك لهذه الأعمال الهابطة الفرصة لتشكيل عقل ووجدان أطفالنا وشبابنا..؟!
ماذا ننتظر بعد أن خرج عدد كبير من البرامج والمسلسلات في حلقاتها الأولي علي القيم النبيلة فجاءت حافلة بالإيحاءات غير المقبولة.. مثلما رأينا في مسلسلي ¢ عفاريت عدلي ¢ ¢ ولمعي القط ¢ وبرنامج رامز تحت الأرض.. علي سبيل المثال.. فماذا سوف يفعل مجلس الإعلام ونقابته مع مثل تلك الأعمال ؟!
لماذا اختفت منتديات رمضان التي كنا نراها في الزمن الجميل في قصور الثقافة ومراكز الشباب والأندية.. وحتي في الشوارع؟!
رمضان فرصة للتقرب إلي الله وصلة الأرحام والتكافل الاجتماعي والتواصل الأسري الذي عز في مجتمعنا رغم سهولة الاتصال حتي اكتفي بعضنا برنات المحمول ورسائل الواتساب وغيرهما للاطمئنان علي الأهل والأقارب.. وهو ما يجافي روح الصيام وجوهره.
ولا يبقي إلا أن ندعو الله في الأيام الأولي من الشهر الفضيل عسي أن يستجيب لنا : اللهم اجعل حكومتنا للناس جميعًا فقرائهم قبل أغنيائهم.. اللهم ارزقها فهمًا صحيحًا وتنفيذا أمينا لرؤية الرئيس السيسي المنحاز دائمًا للبسطاء والفقراء حتي لا تأتي قراراتها في الاتجاه المعاكس لما أراده الرئيس الذي يضع مصلحة مصر فوق كل اعتبار ولا يلتفت لما يروجه البعض هنا وهناك حتي يعبر بمصر إلي بر الأمان والاستقرار والنصر علي الأعداء.
اللهم هَبْ مصر ازدهارًا يعوضها سنوات ما بعد يناير التي اهتز فيها الاقتصاد والأمن والقيم والأخلاق ويحاول الرئيس استعادتها قدر طاقته.. فإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا. اللهم أعِد الثقة المفقودة بين الشعب وحكومته وارزقها الصدق في التعامل مع مواطنيها فتصارحهم بالحقائق ولا تزين لهم الواقع بالوعود والأحلام الوردية. اللهم ارزق إعلامنا الموضوعية والتجرد وتحري الصدق والتنوير والاستنارة والبعد عن الإثارة.. اللهم امنحنا سعة الأفق واحترام حق الاختلاف فيما بيننا. اللهم اجعل رمضان طاقة روحية نتزود بها في مواجهة ما ينتظرنا من تحديات.. اللهم اجعل مصر آمنةَ بخير أجناد الأرض. محصنة ضد عواصف الفتن. واجعل أهلها في رباط إلي يوم الدين.. آمين.