الوفد
أحمد بكير
سياسة الهدم لا تليق
قبل أحداث 25 يناير 2011 بأيام نشرت الصحف خبراً، عن تبرع الوزير فاروق حسنى بمنزله الذى يعيش فيه بمنطقة منيل شيحة، للدولة بعد وفاته، ليكون متحفاً مفتوحاً لمقتنياته ولوحاته ومكتبته.. وقتها استحسنت توجه الرجل، وقلت إنه ربما يعيد زمن العظماء الذين تبرعوا بأملاكهم وأوقفوها لإقامة المستشفيات والمدارس وغيرها من المشروعات.. وقبل أيام نشرت الصحف والمواقع تصريحات للوزير الفنان فاروق حسنى يؤكد فيها أنَّ ذات المنزل لم يعد ملكاً له، بعد أن باعه لمستثمر عربى فى عام 2011، ولم يعلم أى شىء عن هذا المنزل، الذى تم هدمه فى حملة إزالة التعديات على أملاك الدولة.. وتصريحات فاروق حسنى الأخيرة جعلت الأمر لدى مُلتبساً، ولم أعد أعلم حقيقة ملكية المنزل فاروق حسنى، وهل مازال ملكه أم باعه، وماذا عن تصريحاته السابقة عن تبرعه بالمنزل للدولة؟؟
فاروق حسنى يؤكد فى تصريحات صحفية أنَّ المنزل الذى بناه قبل 26 عاماً، استوفى كل الشروط، وحصل على موافقة وزارتى الرى والزراعة، ومحافظة الجيزة، والمسطحات المائية، وحماية النيل، وأملاك الدولة، وحصل على ترخيص بالبناء.. ورغم ذلك هدمته الجرافات فى حملة إزالة التعديات. وأياً كانت ملكية منزل فاروق حسنى لماذا هدمته جرافات الدولة، رغم أنه ليس مبنياً على أملاك منهوبة؟.. لماذا هدمته الجرافات وقد تم إنشاؤه بترخيص ووفقاً للقانون؟! وأياً كانت ملكية المنزل لماذا تم هدمه وهو متحف بمعنى الكلمة؟!
ولقد كانت تعليمات الرئيس عبدالفتاح السيسى منتصف هذا الشهر برفع يد المعتدين على أراضى الدولة واستردادها، محل تقدير الشعب وتأييده، لكن ربما عدد من المسئولين قد أساء فهم تعليمات الرئيس وأوامره وقد سمعناها منه على الهواء.. ويبدو أنَّ الحماس قد جرف بعض المسئولين بجرافات فقاموا بإزالة ما رأوه تعديات على أملاك الدولة، دون إتاحة الفرصة للتصالح وتوفيق الأوضاع بأى شروط تضعها الدولة وبأى ثمن تحدده.. والوقت كان قصيراً، وأوامر الرئيس كانت حاسمة ومشددة، وربما كان ذلك سبباً فى الأخطاء. وانتهت أمس المهلة التى حددها الرئيس لتنفيذ تعليماته، واليوم أو ربما غداً ستعلن الدولة رسمياً عن نتائج حملة استرداد أملاك الدولة متضمنة عدد الأفدنة التى تم استعادتها وربما قيمتها.. لكن المهم أن يشمل الإعلان عدد المنشآت التى تم هدمها، والكشف بصراحة عن قيمتها العقارية والمادية، وعلينا أنْ نُقيِّم هل ما تم هدمه وإزالته يساوى ما تم استرداده وإعادته؟!
ما حدث قد حدث.. انتهى الوقت ولم ينفع اليوم ندم، ولن يعيد أبراجاً هُدِّمت، أو بيوتا أُزيلت من الوجود، أو مشروعات لم يبق منها إلا الحُطام.. المهم اليوم أن نستوعب الدرس، وألا يدفعنا الحماس للانجراف الى الخطأ، وأنّ نعى تماماً أن سياسة الهدم لا تليق أبداً بدولة تبدأ مرحلة جديدة من مراحل البناء.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف